في شدة ولا رخاء: بل كان يحرص على تطبيق السنة مهما كلفته، وكان يزاحم -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- مع أن هذا خلاف السنة، وقد جاء نهي عمر -رضي الله تعالى عنه- عن الزحام، وابن عمر يزاحم، وكان يرعف أنفه، ثم يعود ثانية؛ من شدة اتباعه -رضي الله تعالى عنه وأرضاه-، لكن هذا لا يوافق عليه.
قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وابن نمير جميعاً عن أبي خالد قال أبو بكر: حدثنا أبو خالد الأحمر عن عبيد الله عن نافع قال: "رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده، ثم قبل يده: الأصل تقبيل الحجر، إذا لم يمكن تقبيله المسح –الاستلام-، ثم يقبل اليد، إن لم يتيسر له تقبيله باليد قبله بالمحجن كما سيأتي أو بأي شيء في يده، ثم قبل ما استلمه به، وإلا اكتفى بالإشارة على ما سيأتي. ثم قبل يده، وقال: "ما تركته منذ رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-".
حدثني أبو الطاهر قال: أخبرنا ابن وهب قال أخبرنا عمرو بن الحارث أن قتادة بن دعامة حدثه أن أبا الطفيل البكري حدثه أنه سمع ابن عباس يقول: "لم أرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يستلم غير الركنين اليمانيين": والسبب في هذا ما سمعتم، أنها ليست على قواعد إبراهيم، الركنان الآخران ليسا على قواعد إبراهيم، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال:((لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لأعدت بناءه على قواعد إبراهيم، ولجعلت له بابين وجعلت الباب لاطئاً بالأرض)): المقصود أنه تمنى هذا، ولما تولى ابن الزبير فعل، أعاده على قواعد إبراهيم، وطبق ما تمناه النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم هدم بالمنجنيق -في القصة المعروفة- وأعيد كما كان عليه في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم في عهد الإمام مالك استئذن من قبل أبي جعفر المنصور أن يعاد على قواعد إبراهيم، قال: "لا"؛ لئلا يصير ملعبة، كل ملك من الملوك يتولى يجتهد ليذكر اسمه، يصير ملعبة للملوك، كل يتمنى خدمة هذا البيت فتذهب هيبته من قلوب الناس، إذا كان هذا يهدم وهذا يعمر، الناس يتوقعون شيئاً عظيماً إذا مس هذا البيت بسوء، لو نقض منه حجر كانوا يتوقعون أن .. ، كما كان في عهد ابن الزبير، يتوقعون أن ينزل عليهم شيئاً من السماء.