العجيب أنهم يستدلون بالآية -آية القصر- على وجوبه، مع أن سبب الورود واضح فيها، بخلاف سبب النزول هنا، نعم، يعني لو قارنا بين قول الجمهور وقول الحنفية، الجمهور يستدلون بهذه الآية على أن السعي ركن، والحنفية يقولون: ليس بركن من هذه الآية؛ لأنه مجرد رفع الإثم لا يقتضي الوجوب، فضلاً عن الركنية، لكنهم حفوا هذا بمداومته -عليه الصلاة والسلام- وقوله:((خذوا عني مناسككم)) فرأوا أنه ترك نسك يلزمه دم -عندهم- ولو نظرنا إلى رأيهم في القصر، وهو وجوب القصر –عندهم- وأنه عزيمة لا بد منها، من الآية وما عضدها من السنة، فيمكن أن يرد عليهم بمثل هذا الكلام أن مجرد رفع ...
طالب: بعكس استدلالاهم في آية القصر؟
إيه نعم، إيه نعم، إيه.
وحدثني محمد بن رافع قال: حدثنا حجين بن المثنى قال: حدثنا ليث عن عقيل عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني عروة بن الزبير قال: سألت عائشة، وساق الحديث بنحوه، وقال في الحديث: فلما سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن ذلك قالوا: يا رسول الله، إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة فأنزل الله -عز وجل-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ}: التحرج هذا مبعثه ما ذكر من أنهم كانوا يطوفون بينهما إذا أهلوا للصنمين.
إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة فأنزل الله -عز وجل-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}: يعني لو إنسان استغنى عن دورة مياة في بيته وألغاها تماماً، ألغاها تماماً، بلط المكان، وفرشه من جديد، وأزال كل ما فيه من معالم وصار غرفة، ثم قيل له لو جعلت هذه الغرفة مكتبة، ما يتحرج؟ يتحرج بلا شك، النفس تجد من هذا الشيء، نعم.
فقالوا: يا رسول الله إنا كنا نتحرج أن نطوف بالصفا والمروة، فأنزل الله -عز وجل-: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَآئِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا}، قالت عائشة:"قد سن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الطواف بينهما، فليس لأحد أن يترك الطواف بهما":