ميقاتنا، وقد يقال لهم: اذهبوا إلى الجحفة، يعني إلى رابغ أقرب لكم من ميقاتكم، فهل يجوز ويسوغ أن يتجاوزوا ذا الحليفة إلى ميقاتهم وهو قرن؟ وهو أقرب من ذا الحليفة؟ وهذا ميقاتهم الأصلي، أو يحرمون من أقرب ميقات بالنسبة لهم، وهو أرفق بهم؟ ((هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) النجدي جاء من طريق المدينة ميقاته الأصلي قرن المنازل، ومقتضى قوله:((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) أن يحرم من ذي الحليفة، يعني مقتضى الجملة الأولى (فهن لهن) أن يحرم من قرن، وهو مقتضى الجملة الثانية:(ولمن أتى عليهن من غير أهلهن) أن يحرم من ذي الحليفة، والجمهور يلزمونه بدم إذا تجاوز ذا الحليفة من غير إحرام، والإمام مالك يقول: يجزئه أن يحرم من ميقاته الأصلي أو من غيره من المواقيت المعتبرة المحددة إذا كان أرفق به، وكان الإحرام من ذي الحليفة فيه شيء من المشقّة، يمكثون بالإحرام عشرة أيام، تسعة أيام، ثمانية أيام، على حسب سرعة السير، وقد تكون البرودة –برودة الجو- قارسة، فيشق عليهم، فيقول: أذهب وأنطلق إلى ميقاتي الأصلي وأرتاح أكثر من أسبوع بدون إحرام، في مذهب الإمام مالك وفي قوله -رحمه الله- مندوحة لمثل هؤلاء، فإذا ذهب إلى جدة ليقضي عملاً فيها مثلاً، ومكث فيها المدة التي قرر أن يمكثها، ثم رجع إلى الجحفة قليلاً أو ذهب إلى السيل وأحرم لا يلزمه شيء عند الإمام مالك، ويلزمه دم عند الجمهور، وعلى كل حال إن خالف جملة من الحديث فقد وافق أخرى، والملحوظ في التعبير التيسير، وإلا لأجزم كل شخص أن يحرم من ميقاته المحدد له؛ لكن في قوله:((ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)) يلحظ التيسير، فلعل قول الإمام مالك بمثل هذا متجه.