وحدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى قالا أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يونس عن ابن شهاب أن سالم بن عبد الله أخبره أن عبد الله بن عمر -رضي الله عنه- كان يقدم ضعفة أهله، فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بالليل فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يدفعون قبل أن يقف الإمام وقبل أن يدفع، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر ومنهم من يقدم بعد ذلك، فإذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر يقول: أرخص في أولئك رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
وحدثنا عبد الله بن مسلمة بن قعنب القنعبي، قال حدثنا أفلح يعني ابن حميد عن القاسم، عن عائشة أنها قالت: استأذنت سودة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة المزدلفة تدفع قبله، وقبل حطمة الناس: وهذا الاستئذان، وهذا الإذن يدل على أن المبيت بمزدلفة واجب، ليس بسنة فقط، ولا بركن؛ فكونها استأذنت لم يُستأذن -عليه الصلاة والسلام- إلا من أجل ترك واجب، وغير الواجب لا يحتاج إلى استئذان، والركن لا يؤذن فيه، والقدر الواجب منه عند الجمهور غالب الليل، ومنهم من يحده بصنيع أسماء بمغيب القمر، رغم أن مغيب القمر يتأخر عن نصف الليل ليلة العاشر، وعلى كل حال بالنسبة للمبيت مضى حكمه وأنه واجب من واجبات الحج.
استأذنت سودة أمُّ المؤمنين -رضي الله عنها- رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة المزدلفة تدفع قبله لكي تدفع قبله؛ لأنها لا تطيق الزحام، وقبل حطمة الناس يعني زحمتهم، وكانت امرأة ثبطة، يقول القاسم بن محمد بن أبي بكر أحد الفقهاء السبعة: والثبطة الثقيلة، وسيأتي الجمع بينهما ثقيلة ثبطة، فيكون من باب التفسير، ذكر المفسَر والمفسِر.
قال: فأذن لها فخرجت قبل دفعه وحبسنا -عليه الصلاة والسلام- حتى أصبحنا فدفعنا بدفعه: يعني معه بعد الإسفار جداً.