ولأن أكون استأذنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما استأذنته سودة فأكون أدفع بإذنه أحب إليَّ من مفروح به: يعني كونها تتعجل لكونها لا تطيق الزحام مع حطمة الناس بنص أفضل من كونها تترخص بقياس، سودة استأذنت وأذن لها بالنص، وفي حكمها ويقاس عليها من اتصف بوصفها، وعائشة لما احتاجت إلى التعجل ندمت ألا تكون استأذنت فيؤذن لها فيكون انصرافها بنص.
ولأن أكون استأذنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما استأذنته سودة فأكون أدفع بإذنه أحب إلي من مفروح به: يعني من أي شيء يفرح به من أمور الدنيا.
وحدثنا إسحاق بن إبراهيم ومحمد بن المثنى، جميعاً عن الثقفي قال ابن المثنى: حدثنا عبد الوهاب، قال حدثنا أيوب، عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم، عن عائشة قالت: كانت سودة امرأة ضخمة ثبطة، فاستأذنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: لما كان النساء في عهده -عليه الصلاة والسلام- على طريقة العرب يقضون حوائجهم في المناصع وفي الأماكن البعيدة عن البيوت، وعمر -رضي الله تعالى عنه- حريص على الستر، فكان يتعرض لهؤلاء النسوة؛ من أجل أن ينزل ما يمنعهن من الخروج، وكانت سودة معروفة من بين النساء، كانت طوالاً ثقيلة ثبطة، ثم لما خرجت قال: قد عرفناك يا سودة، وهذا من حرصه -رضي الله تعالى عنه وأرضاه- وله مواقف من مثل هذا.
قالت: كانت سودة امرأة ضخمة ثبطة فاستأذنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن تفيض من جمعٍ بليل، فأذن لها فقالت عائشة: فليتني كنت استأذنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما استأذنته سودة: وكانت عائشة لا تفيض إلا مع الإمام، الإمام الذي يحج بالناس، ويطبق أفعال النبي -عليه الصلاة والسلام- فيجلس يذكر الله حتى يسفر، وكانت لا تفيض إلا إذا أسفرت جداً؛ لئلا تترك شيئاً تركت النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه، بل كانت تفعله معه.