محل خلاف بين أهل العلم؛ لأنه جاء ما يفيد من بعض السائلين أنه قال: لم أشعر، منهم من قال: نسيت، فما سئل عن شيء مما ينسى أو يجهل إلا قال:((افعل ولا حرج)) فمنهم من اعتبر هذا قيداً مؤثراً، فلا يجوز التقديم والتأخير إلا لمن اتصف بهذا القيد النسيان أو الجهل، ومنهم من قال القاعدة العامة، هذا وصف وجد يحكي واقع، سأل لأنه نسي، سأل لأنه جهل، هذا وصف يحكي الواقع، والقاعدة العامة أنه ما سئل عن شيء من باب التيسير والتسهيل على الأمة، ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال:((افعل ولا حرج))، وهذا هو المناسب والموافق لسماحة الشريعة وسهولتها ويسرها، لا سيما وأن هذه الأعمال قد يشق ترتيبها على كثيرٍ من الناس، ولولا قوله -عليه الصلاة والسلام-: فما سئل عن شيء في ذلك اليوم قدم ولا أخر هذا يوحي بأن المسألة فيها سعة ولله الحمد، يعني لو اقتصر على الأسئلة التي فيها الأوصاف المؤثرة لقلنا إن هذه الأوصاف مؤثرة، لكن جيء بالقاعدة العام: "ما سئل عن شيء قدم ولا أخر إلا قال: ((افعل ولا حرج)) ولذا يختار كثيرٌ من المحققين أن هذه الأفعال كلها يجوز تقديم بعضها على بعض وتأخيرها، حتى جاء السائل عن تقديم السعي على الطواف، سعيت قبل أن أطوف، قال:((افعل ولا حرج)).
يقول: حدثنا يحيى بن يحيى قال قرأت على مالك، عن ابن شهاب، عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله، عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: وقف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في حجة الوداع بمنىً للناس يسألونه، فجاء رجل فقال يا رسول الله، لم أشعر: يعني غفل وذهل ونسي الترتيب.
لم أشعر فحلقت قبل أن أنحر: والنبي -عليه الصلاة والسلام- نحر بدنه قبل الحلق، فقال:((اذبح ولا حرج)).