حدثنا قتيبة بن سعيد وأبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب جميعاً، عن ابن عيينة، قال زهير حدثنا سفيان بن عيينة، عن صالح بن كيسان، عن سليمان بن يسار قال: قال أبو رافع: لم يأمرني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أنزل الأبطح حينما خرج من منى، ولكني جئت فضربت فيه قبته فجاء فنزل، قال أبو بكر في رواية صالح قال: سمعت سليمان بن يسار، وفي رواية قتيبة قال عن أبي رافع وكان على ثقل النبي -صلى الله عليه وسلم-: على متاعه، الثقل هو المتاع، فهذا دليلٌ على أن قصده ليس بسنة، وإنما هو منزلٌ اتفاقي وجده أنسب من غيره فضرب القبة، سيأتي في الحديث الأخير أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قصد أن ينزل بالخيف بعد الفتح، وهناك يختلف الكلام عنه هنا، يعني في حجة الوداع فيه مراغمة للكفار أن ينزل بالخيف؛ حيث تقاسموا على الكفر؟ ينزل الأبطح ينزل بالمحصب؟ ما فيه مراغمة للكفار، إلا أنه قد يقول قائل: قد يثبت الحكم لعلة ثم ترتفع العلة ويبقى الحكم، كالرمل، يعني نزوله في عام الفتح بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر مراغمة للكفار، واستشعار لنصر الله -جل وعلا- لنبيه على أعداءه.
طالب:. . . . . . . . .
الشيخ: إيه، بني كنانة في الفتح، الثاني الحديث الأخير اللي بيجي هذا، ما تقدم كله في حجة الوداع.
وحدثني حرملة بن يحيى، قال أخبرنا ابن وهب، قال أخبرني يونس، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:((ننزل غداً -إن شاء الله- بخيف بني كنانة حيث تقاسموا على الكفر)): تقاسمت قريش وبنو كنانة على مقاطعة بني هاشم وبني المطلب حتى يسلموا النبي -عليه الصلاة والسلام-، وذكروا في هذه الصحيفة من الظلم التي كتبوها، من الظلم والكفر والاعتداء والسبّ ما كتبوا، لكن الله -جل وعلا- يسر لها الأرضة -دابة الأرض- فأكلتها، فأكلت جميع ما فيها من مخالفات، وما أبقت إلا ذكر الله -جل وعلا-.
((ننزل غداً إن شاء الله)): هذا الاستثناء امتثالاً لقوله -جل وعلا-: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا* إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ} [(٢٣، ٢٤) سورة الكهف].