يقول الإمام -رحمه الله تعالى- في سياق أحاديث التلبية، تلبية النبي -عليه الصلاة والسلام-، وإهلاله بالتوحيد، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ عَلَى مَالِكٍ الأحاديث –أحاديث الموطأ- غالب ما يروها الإمام مسلم عن طريق يحيى بن يحيى التميمي، هذا هو الغالب، كما أن غالب ما يرويه الإمام البخاري منها عن طريق عبد الله بن يوسف التنيسي، قال: يَحْيَى بْنُ يَحْيَى التَّمِيمِيُّ قَالَ: قَرَأْتُ على مالك عن نافع عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهمَا- أَنَّ تَلْبِيَةَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ إِنَّ الْحَمْدَ وَالنِّعْمَةَ، إِنَّ وأَنَّ، إن الحمد والنعمة لَكَ وَالْمُلْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، لبيك تثنية لبى، من قولهم: لبى بالمكان إذا أقام فيه، يعني أن المجيب لنداء إبراهيم يخبر عن نفسه أنه مقيم على طاعة الله -عز وجل-، مجيباً لندائه في هذا الأمر وفي غيره، هذا هو الأصل في المسلم، يعني كما قال -جل وعلا-: {فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ} [(٩١) سورة المائدة] ماذا كان جواب الصحابة؟ انتهينا انتهينا، هذا الأصل في المسلم، وليس لمسلمٍ خيرة يختار ما يناسبه من الأوامر فيفعل، وما يناسبه من الأوامر فيكف، لا، ليس له هو خيرة في ذلك، بل عليه أن يمتثل، سمعنا وأطعنا، وليس لأحدٍ أن يعرض الأوامر والنواهي على أحدٍ ليقبلها أو يرفضها، بل الأوامر الأصل فيها الوجوب، وجوب الفعل، والنواهي الأصل فيها التحريم.