دخل هو وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي، من دخل -عليه الصلاة والسلام- هو أشرف الخلق، وهؤلاء هم خاصته، بلال وأسامة وعثمان بن طلحة، أما عثمان بن طلحة فهو من العرب الأقحاح، ومعروف موطنه وموضعه، حاجب وسادن البيت، لا بد من دخوله؛ لأنه هو الذي يفتح وهو الذي يغلق، لا بد من دخوله؛ لكن من اختار النبي -عليه الصلاة والسلام- للدخول معه؟ هل اختار الملأ، وأشراف الناس، وعلية القوم؟ لكنه الدين، هو وأسامة مولى ابن مولى، وبلال حبشي، عبدٌ حبشي، في أشرف الأماكن اختار هؤلاء، ويدع أبا بكر وعمر، وأشراف الناس وسادتهم، ويدخل بمثل هؤلاء؛ ليبين أنه لا فضل لأحدٍ على أحد إلا بالتقوى، "هو وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة الحجبي" الحاجب حاجب البيت، السادن، "فأغلقها عليه" أغلق عليه الباب -عليه الصلاة والسلام-، "ثم مكث فيها" لبث فيها وقتاً، "قال ابن عمر: فسألت بلالاً حين خرج" لما فتح الباب بادر ابن عمر، وهو الصحابي المؤتسي، الحريص على الاقتداء، "فسألت بلالاً حين خرج: ما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ " ليقتدي به، لا سيما في مثل هذه المواطن، فهو يحرص عليها أشد الحرص، ولذلك سأل: أين صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ ولم يسأل كم صلى؟ بينما لو كانت الحادثة لعبد الله بن عباس لصار الأمر بالعكس، يسأل ابن عباس عن العبادة نفسها، ولا يسأل عن مكانها، وابن عمر على العكس من ذلك يهتم بمكانها أين صلى؟ ونسي أن يسأله كم صلى؟ وفي كلٍ خير؛ لكن ابن عمر عرف عنه التتبع، تتبع الآثار والمواطن التي صلى فيها النبي -عليه الصلاة والسلام-؛ لكن قوله مرجوح في مثل هذا، قال:"فسألت بلالاً حين خرج: ما صنع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: جعل عمودين عن يساره، وعموداً عن يمينه" في الروايات الأخرى، ومنها ما في البخاري العكس: جعل عمودين عن يمينه، وعموداً عن يساره؛ لأن الكعبة بنيت على ستة أعمدة صفين، ثلاثة وثلاثة، ففي الصف المقدم من الأعمدة جعل عمودين عن يمينه وعمود عن يساره، وهنا حصل فيه شيء من القلب، ومن يصون الصحيح عن الوهم، ويصون الرواة الثقاة عن الغلط يقول: ما في ما يمنع أن القصة حصلت مرتين، وهذا منهج ومسلك لجمعٍ من أهل العلم