للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال بعضهم: إنه دخلها في عمرة القضاء؛ لكن هذا أيضاً أبعد؛ لأنه في عمرة القضية فيها الأصنام، ولم تحطم الأصنام في تلك السنة، "فنزل بفناء الكعبة" يعني ما حولها من فضاء "وأرسل إلى عثمان بن طلحة الحجبي فجاء بالمفتح ففتح الباب، قال: ثم دخل النبي -صلى الله عليه وسلم- وبلال" وهنا ما في ضمير فصل؛ لأن العطف على الاسم الظاهر، "فدخل النبي -صلى الله عليه وسلم- وبلال وأسامة بن زيد وعثمان بن طلحة وأمر بالباب فأغلق، فلبثوا فيه ملياً" في البيت، فلبثوا فيه يعني البيت، "ثم فتح الباب، فقال عبد الله: فبادرت الناس" سبقتهم "فبادرت الناس فتلقيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خارجاً وبلال على إثره، فقلت لبلال: هل صلى فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ قال: نعم، قلت: أين؟ قال: بين العمودين تلقاء وجهه، قال: ونسيت أن أسأله كم صلى؟ "، الصلاة ثبتت منه -عليه الصلاة والسلام- في جوف الكعبة، والخلاف في حكمها معروف بين أهل العلم، فمنهم من يرى أنه لا يصلى فيها شيء، لا نافلة ولا فريضة، لا نافلة مطلقة ولا خاصة ولا فريضة؛ لأن المطلوب والمشترط لصحة الصلاة استقبال البيت لا بعض البيت، وهذا مرويٌ عن مالك؛ لكن أحاديث الباب ترده، ومنهم من يفرق بين الفريضة والنافلة، فيصحح النافلة ولا يصحح الفريضة، ومنهم من يقول: النوافل الخاصة ملحقة بالفرائض فلا تصح داخل البيت، ومنهم من يقول: إذا صحت النافلة صحت الفريضة؛ لأن الأصل أنها كلها صلاة، وما يشترط لهذه يشترط لهذه إلا ما جاء استثناؤه، من كونه -عليه الصلاة والسلام- يصلي النافلة بما فيها المقصود كالوتر على الراحلة، ولا يستقبل القبلة، حيث ما توجهت به، وكان لا يفعل ذلك في المكتوبة -عليه الصلاة والسلام-، فدل على التفريق بين النافلة والفريضة فيما جاء التفريق فيه منصوصاً عليه، وما عدا ذلك يبقى الحكم واحد، النافلة تصح على الراحلة، وعلى غير جهة القبلة، وتصح أيضاً من قعود مع القدرة على القيام بخلاف الفريضة، فمثل هذا جاءت النصوص بتخصيصه، تخصيص النافلة فيه، وما عدا ذلك يبقى على العموم؛ لأنها كلها صلاة، ونصوص الصلاة تتناول الفرض والنفل، صحيح الفرض مبني على التشديد، وأن براءة الذمة لا

<<  <  ج: ص:  >  >>