"فجعل الفضل ينظر إليها" أمرٌ جبلي، طبع عليه البشر، الرجال فيهم ميلٌ إلى النساء، والنساء فيهن ميلٌ إلى الرجال، "وتنظر إليه" أيضاً، مع أنه لا يجوز شرعاً، فجاء الأمر للرجال والنساء على حدٍ سواء بغض البصر، {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ} [(٣٠) سورة النور] {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [(٣١) سورة النور] فجعل ينظر إليها وتنظر إليه، وكانت وضيئة، وكان الفضل حسناً جميلاً، فتنظر إليه، وينظر إليها، وهذا لا شك أنه منكر بين يدي الرسول -عليه الصلاة والسلام- فغيره بيده، "فجعل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصرف وجه الفضل" لأنه به يتم الإنكار، يعني لئلا يقول قائل: لماذا لم يصرف وجهها؟ إذا صرف وجهه عنه انتهى المنكر، تنظر إلى أي شيء؟
كونها وضيئة كما جاء وصفها في بعض الروايات الصحيحة، وكونه حسن جميل هذا لا شك أن الطباع تميل إلى مثل هذا، والنظر إليه، ووضاءتها تبين من شيء يسير منها، ولو أصبع منها، والمرأة إذا ركبت الدابة مهما احتاطت لنفسها لا بد أن يظهر منها شيء يسير، ولا يقال: إنها كاشفة أو حاسرة عن وجهها أبداً، لا يلزم هذا، وضاءتها تبين من خلال أصبع من أصابعها، ولولا هذا الوصف لقلنا أنه ينظر إلى حجمها، وجرمها وطولها وعرضها، ولا شك أن مثل هذا يستهوي الرجال، والكلام في الحديث طويل يستدل به من يرى جواز كشف الوجه، ولا دليل فيه؛ لأن الوضاءة تبين من أدنى شيء، لا سيما مع ركوب الدابة، على خلاف الوضع الطبيعي للمرأة، يعني الوضع الطبيعي للمرأة أنها لا يرى منها شيء، لكن إذا ركبت، الآن والناس في السيارات التي هي أشبه ما تكون بالغرف لا بد من أن يبين من المرأة شيء، يعني إذا أرادت أن تركب لا بد أن يبين من رجلها شيء، إذا أرادت أن تنزل، إذا أرادت أن تتصرف أي تصرف لا بد أن يبين منها شيء، مهما بالغت في الاحتياط، فهذا على خلاف الأصل، وعلى خلاف العادة، ولا يقرر مثل هذا ما يحصل في مثل هذه الظروف على الأحوال العادية أبداً.