طواف الوداع واجب بالنسبة للحج، وطواف الإفاضة ركن من أركان الحج لا يصح إلا به؛ لكن إذا أخر طواف الإفاضة قبيل انصرافه ونوى به الإفاضة دخل فيه الوداع على أن لا يكون بعده سعي؛ لأنه إذا كان بعده سعي ما صار آخر عهده بالبيت، فإذا شقّ عليه أن يعيد طواف الوداع بعد طواف الإفاضة والسعي، إذا شق عليه ذلك فيرجى أنه لا بأس به -إن شاء الله تعالى-، وإلا مع القدرة لا يكفي طواف الإفاضة الذي يليه السعي عن طواف الوداع إلا مع المشقة الشديدة، إذا شق عليه ذلك لعله يجزئه.
البخاري استدل على الإجزاء بعمرة عائشة -رضي الله عنها-، طافت للعمرة ثم سعت، ولم يحفظ أنها أمرت بوداع.
يقول: كيف الجمع بين قول الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} [(١٩٧) سورة البقرة] وبين جواز الإحرام للحج قبل أشهر الحج؟
ذكرنا بالأمس أن الإحرام بالحج قبل أشهره وقبل ميقاته المكاني جوازه عند جماهير أهل العلم، لم يخالف في الميقات الزماني إلا الشافعية استدلالاً بهذه الآية، {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} [(١٨٩) سورة البقرة] مطلقةً، الثلاثة وغير الثلاثة، وبهذا يستدلون على جواز الإحرام بالحج قبل ميقاته الزماني، وعلى كل حال، الخلاف معروف بين أهل العلم والاحتياط أن لا يحرم الإنسان قبل ميقاته لا الزماني ولا المكاني.
يقول: هل يلزم الحج لمن لم يجد ما يحج به مع الحملات، لكنه يستطيع أن يحج منفرداً أو مع رفقةٍ خاصة لكون تكلفة الحج أقل، لكنه يحصل له من الحج وحده نوع مشقة يستطيع تحملها، وهل من وجد مالاً يكفي لذلك لكن لا يجد ما يكفي للحج مع الحملات لكونه أريح ولم يحج يأثم؟
نعم يأثم، إذا استطاع أن يحج بمفرده أو مع رفقةٍ بنفقةٍ يستطيعها لزمه الحج، الحملات شيء طارئ لا يترتب عليه أحكام، نعم إذا كان من النوع الذي لا يستطيع أن يباشر الحج بنفسه إنما لا بد أن يحج مع حملة أو مع أناس بالأجرة يعينونه على الحج اشترط ذلك في الاستطاعة.