للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أن الإنسان خاط فمه ما هو بكثير، ويجزم أنه خلاص، ثلاثة أيام الحج لا يرفث ولا يفسق، ثم بعد ذلك لا يصبر ولا لحظة، إن جاءه أحد، وإلا ذهب يبحث عن أحد، على ما تعود على طول العام، ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)) وإلا هذه الأجور، وهذا الفضل العظيم المرتب على هذه الأيام الأربعة، الحج الآن لا يزيد على أربعة أيام، يعني إن زاد خامس فهو متأخر ما هو متعجل، ولا يستطيع الإنسان أن يحفظ نفسه في هذه الأيام اليسيرة، في هذه الساعات القليلة، لا شك أن مثل هذا ليس بعلامة قبول، ولا علامة توفيق، والحرمان ظاهر بالنسبة لكثيرٍ من الناس، حتى مع الأسف ممن ينتسب إلى طلب العلم، على ما تعود، تجده طول العام روحات وجيات، ومع الإخوان، ومع الزملاء، واستراحات وسهرات، ولا يعرف القرآن إلا إن تقدم قبل الإقامة بخمس دقائق، أو عشر دقائق وإلا راح ورده من القرآن، وغير القرآن من الأذكار التي جاء الحث عليها.

يقول: ((ما من يومٍ أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وما روئي الشيطان أحقر، ولا أغيض منه في هذا اليوم)) لما يرى من تنزل الرحمات على عباد الله، ((وإنه ليدنو)) والضمير يعود إلى الله -جل وعلا-، ليدنوا دنواً يليق بجلاله وعظمته، كما أثبته لنفسه، ((ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ماذا أراد هؤلاء؟ )) ما أراد هؤلاء؟ هؤلاء الذين أتوا شعثاً غبراً، ضاحين، مكشوفي الرؤوس للشمس وللبرد والحر، جاءوا من أصقاع الدنيا لبوا النداء، ثم جاءوا يبحثون عن أي شيء؟ يبحثون عن هذا العتق، لكن لا شك أن هذا نص من نصوص الوعد إذا لم يحصل مانع، فالوقوف في هذا الصعيد، والحج والتعرض للنفحات، وأيضاً صيام رمضان وقيامه، وقيام ليلة القدر كلها أسباب، إذا لم تعارَض بمانع، قد يكون السبب موجود لكن هو معارضٌ بمانع، فلا يترتب عليه أثر؛ لأن الذي يرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه من هو؟ ((من حج فلم يفسق ولم يرفث)) الذي يفسق ويرفث أنى له ذلك، وإن كانت رحمة أرحم الراحمين واسعة، لكن يبقى أن هذه أمور رتبت على مقدمات، لا بد من توافرها.

طالب:. . . . . . . . .

تأويل تأويلها هذا، هو عرف بالتأويل -رحمه الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>