حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا عبد العزيز -يعني الدراوردي-: ومر بنا مراراً الإتيان بكلمة (يعني)، وأحياناً يقولون:(هو)، وأكثر ما يقول الإمام مسلم:(يعني)، وأكثر ما يقول الإمام البخاري:(وهو الدراوردي) -هو أو غيره يعني- ويحتاجون إلى مثل هذا التعبير (يعني، وهو) وإلا لو قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي كفى، لكنه من باب حرصهم وأمانتهم ودقتهم في التعبير.
مسلم حينما حدثه قتيبة بن سعيد ما قال: حدثنا عبد العزيز الدراوردي، قال: حدثنا عبد العزيز فقط، ولأجل بيانه من قبل الإمام مسلم يقول: يعني، ويأتي بهذا الفعل ليبين أنه هو الذي زاد النسب، ولم يروِِّيه شيخه الاسم كاملاً، فقال: حدثنا عبد العزيز -يعني الدراوردي- عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء)): يعني لما فتحت الأمصار -كما سيأتي- فتح اليمن، فتح الشام، العراق، مصر، لا شك أنها بلاد خصب، وبلاد رخاء، والمدينة فيها التمر وفيها الماء، لكن ليست مثل البلدان التي جوها مما يستمتع به صيفاً وشتاءً، هي حارة في الصيف وباردة في الشتاء، وأرضها حجارة، ليست كأرض مصر والشام والعراق ولا اليمن، المقصود أن المدينة صارت بهذه الهيئة وهذه الكيفية كمكة -غير ذي زرع- لماذا؟
لتتمحض العبادة في سكناها، يعني الذي يسكن مكة ويصبر على حرها الشديد، وليس فيها المناظر التي يستمتع بها كما في الأقطار الأخرى، وكذلك المدينة، لا شك أنه يدل على أن السكنى رغبة في الخير، السكنى رغبة في الخير لا غير، ولذا هؤلاء الذين في الإجازات يتفرقون في الأمصار لا شك أن سعيهم شتى، منهم من يذهب إلى البلاد الباردة من أجل الجو، منهم من يذهب إلى المناظر الطبيعية، ومنهم من يذهب إلى المقاصد الأخرى، ومنهم من يذهب إلى مكة والمدينة للعبادة؛ لأنها بلاد مفضلة والعمل فيها مضاعف، فالمدينة .. ،
يقول:((يأتي على الناس زمان يدعو الرجل ابن عمه وقريبه: هلم إلى الرخاء)): يعني سعة العيش، الرخاء السعة في العيش، ويقابله شظف العيش، وشدة العيش.