((يتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافي)) يريد عوافي السباع والطير: والاحتمال الثاني لا شك أنه تقويه هذه الرواية؛ بدليل قصة الراعيين من مزينة، ((ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما)): يصوتان لهما ويزجرانهما؛ ليسيرا ((فيجدانها وحشاً)): ((وحشاً)): إما أن تكون مأوى للوحوش، أو تكون موحشة؛ لفراغها وخلائها من السكان، ((فيجدانها وحشاً)): فإما أن تكون موحشة؛ البلد الخالية الذي لا سكان فيه لا شك أنه موحش، أو أنها صارت بعد السكان للوحوش.
((حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما)): وجاء في الخبر أن هذين الرجلين هما آخر من يحشر، قال أهل العلم: لأنهما آخر من يموت، كذا قيل. ((حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما)).
((ينعقان بغنمهما فيجدانها)): الضمير هذا يرجع إلى إيش؟ فيجدانها؟ المدينة أو الغنم؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه أقرب مذكور الغنم، يجدان الغنم وحشاً، تتوحش هذه الغنم، هي في الأصل غنم من ألطف المخلوقات، وتتسم باللطف والرفق والهدوء، ويكتسب راعيها منها هذه الصفات كما جاء في الأحاديث الصحيحة، تنقلب وحشاً، وهذا احتمال، ((يجدانها)): يحتمل أن يكون .. ، أن يعود الضمير على ما فسرناه أولاً أنهما يجدان المدينة وحشاً –موحشة- أو أنها مأوى للوحوش، أو يجدان غنمهما وحشاً: تنقلب الغنم وحشية، يعني إما أن تنقلب خلقتها كالوحوش، أو أن طباعها تكون كالوحوش.
((حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرا على وجوههما)): يقول الشارح: فيجدانها وحشاً وفي رواية البخاري: ((وحوشاً)): قيل معناه يجدانها خلاءً أي خالية ليس بها أحد.