وراعها وهي في الأعمال سائمة ... وإن هي استحلت المرعى فلا تسم
كم حسّنت لذّة للمرء قاتلة ... من حيث لم يدر أنّ السّمّ في الدّسم
واخش الدّسائس من جوع ومن شبع ... فربّ مخمصة شر من التّخم
واستفرغ الدّمع من عين قد امتلأت ... من المحارم والزم حمية النّدم
وخالف النّفس والشّيطان واعصهما ... وإن هما محضّاك النّصح فاتّهم
ولا تطع منهما خصما ولا حكما ... فأنت تعرف كيد الخصم والحكم
أستغفر الله من قول بلا عمل ... لقد نسبت به نسلا لذي عقم
أمرتك الخير لكن ما ائتمرت به ... وما استقمت في قولي لك استقم
ولا تزوّدت قبل الموت نافلة ... ولم أصلّ سوى فرضي ولم أصم
ظلمت سنّة من أحيا الظّلام إلى ... أن اشتكت قدماه الضّرّ من ورم
وشدّ من سغب أحشاءه وطوى ... تحت الحجارة كشحا مترف الأدم
وراودته الجبال الشّمّ من ذهب ... عن نفسه فأراها أيّما شمم
وأكّدت زهده فيها ضرورته ... إنّ الضّرورة لا تعدو على العصم
وكيف تدعو إلى الدّنيا ضرورة من ... لولاه لم تخرج الدّنيا من العدم
محمّد سيّد الكونين والثّقلين ... والفريقين من عرب ومن عجم
هو الحبيب الذي ترجى شفاعته ... لكلّ هول من الأهوال مقتحم
دعا إلى الله فالمستمسكون به ... مستمسكون بحبل غير منفصم
فاق النّبيين في خلق وفي خلق ... ولم يدانوه في علم ولا كرم
وكلّهم من رسول الله ملتمس ... غرفا من البحر أو رشفا من الدّيم
وواقفون لديه عند حذّهم ... من نقطة العلم أو من شكلة الحكم
فهو الذي ثمّ معناه وصورته ... ثمّ اصطفاه حبيبا بارىء النّسم
منزّه عن شريك في محاسنه ... فجوهر الحسن فيه غير منقسم
دع ما ادّعته النصارى في نبيّهم ... واحكم بما شئت مدحا فيه واجتكم
وانسب إلى ذاته ما شئت من شرف ... وانسب إلى قدره ما شئت من عظم