فإنّ فضل رسول الله ليس له ... حد فيعرب عنه ناطق بفم
لو ناسبت قدره آياته عظما ... أحيا اسمه حين يدعى دارس الرّمم
لم يمتحنّا بما تعيا العقول به ... حرصا علينا فلم نرتب ولم نهم
أعيا الورى فهم معناه فليس يرى ... في القرب والبعد فيه غير منفحم
كالشّمس تظهر للعينين من بعد ... صغيرة وتكلّ الطّرف من أمم
وكيف يدرك في الدنيا حقيقته ... قوم نيام تسلّوا عنه بالحلم
فمبلغ العلم فيه أنه بشر ... وأنه خير خلق الله كلّهم
وكلّ آي أتى الرّسل الكرام بها ... فإنما اتّصلت من نوره بهم
فإنه شمس فضل هم كواكبها ... يظهرن أنوارها للناس في الظّلم
أكرم بخلق نبيّ زانه خلق ... بالحسن مشتمل بالبشر متّسم
كالزّهر في ترف والبدر في شرف ... والبحر في كرم والدّهر في همم
كأنه وهو فرد من جلالته ... في عسكر حين تلقاه وفي حشم
كأنّما اللّؤلؤ المكنون في صدف ... من معدني منطق منه ومبتسم
لا طيب يعدل تربا ضمّ أعظمه ... طوبى لمنتشق منه وملتثم
أبان مولده عن طيب عنصره ... يا طيب مبتدا منه ومختتم
يوم تفرّس فيه الفرس أنّهم ... قد أنذروا بحلول البؤس والنّقم
وبات إيوان كسرى وهو منصدع ... كشمل أصحاب كسرى غير ملتئم
والنار خامدة الأنفاس من أسف ... عليه والنّهر ساهي العين من سدم
وساء ساوة أن غاضت بحيرتها ... وردّ واردها بالغيظ حين ظمي
كأنّ بالنار ما بالماء من بلل ... حزنا وبالماء ما بالنّار من ضرم
والجنّ تهتف والأنوار ساطعة ... والحقّ يظهر من معنى ومن كلم
عموا وصمّوا فإعلان البشائر لم ... تسمع وبارقة الإنذار لم تشم
من بعد ما أخبر الأقوام كاهنهم ... بأنّ دينهم المعوّج لم يقم
وبعد ما عاينوا في الأفق من شهب ... منقضّة وفق ما في الأرض من صنم