محكّمات فما تبقين من شبه ... لذي شقاق وما تبغين من حكم
ما حوربت قطّ إلّا عاد من حرب ... أعدى الأعادي إليها ملقي السّلم
ردّت بلاغتها دعوى معارضها ... ردّ الغيور يد الجاني عن الحرم
لها معان كموج البحر في مدد ... وفوق جوهره في الحسن والقيم
فما تعدّ ولا تحصى عجائبها ... ولا تسام على الإكثار بالسّأم
قرّت بها عين قاريها فقلت له ... لقد ظفرت بحبل الله فاعتصم
إن تتلها خيفة من حرّ نار لظى ... أطفأت حرّ لظى من وردها الشّبم
كأنها الحوض تبيضّ الوجوه به ... من العصاة وقد جاؤوه كالحمم
وكالصّراط وكالميزان معدلة ... فالقسط من غيرها في الناس لم يقم
لا تعجبن لحسود راح ينكرها ... تجاهلا وهو عين الحاذق الفهم
قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد ... وينكر الفم طعم الماء من سقم
يا خير من يمّم العافون ساحته ... سعيا وفوق متون الأينق الرّسم
ومن هو الآية الكبرى لمعتبر ... ومن هو النّعمة العظمى لمغتنم
سريت من حرم ليلا إلى حرم ... كما سرى البدر في داج من الظّلم
وبتّ ترقى إلى أن نلت منزلة ... من قاب قوسين لم تدرك ولم ترم
وقدّمتك جميع الأنبياء بها ... والرّسل تقديم مخدوم على خدم
وأنت تخترق السّبع الطّباق بهم ... في موكب كنت فيه صاحب العلم
حتى إذا لم تدع شأوا لمستبق ... من الدّنوّ ولا عرقى لمستنم
خفضت كلّ مقام بالإضافة إذ ... نوديت بالرّفع مثل المفرد العلم
كيما تفوز بوصل أيّ مستتر ... عن العيون وسرّ أيّ مكتثم
فحزت كلّ فخار غير مشترك ... وجزت كلّ مقام غير مزدحم
وجلّ مقدار ما ولّيت من رتب ... وعزّ إدراك ما أوليت من نعم
بشرى لنا معشر الإسلام إنّ لنا ... من العناية ركنا غير منهدم
لما دعا الله داعينا لطاعته ... بأكرم الرّسل كنّا أكرم الأمم