راعت قلوب العدا أنباء بعثته ... كنبأة أجفلت غفلا من الغنم
ما زال يلقاهم في كلّ معترك ... حتى حكوا بالقنا لحما على وضم
ودّوا الفرار فكادوا يغبطون به ... أشلاء شالت مع العقبان والرّخم
تمضي الليالي ولا يدرون عدّتها ... ما لم تكن من ليالي الأشهر الحرم
كأنّما الدّين ضيف حلّ ساحتهم ... بكلّ قرم إلى لحم العدى قرم
يجرّ بحر خميس فوق سابحة ... يرمي بموج من الأبطال ملتطم
من كلّ منتدب لله محتسب ... يسطو بمستأصل للكفر مصطلم
حتّى غدت ملّة الإسلام وهي بهم ... من بعد غربتها موصولة الرّحم
مكفولة أبدا منهم بخير أب ... وخير بعل فلم تيتم ولم تئم
هم الجبال فسل عنهم مصادمهم ... ماذا رأى منهم في كلّ مصطدم
وسل حنينا وسل بدرا وسل أحدا ... فصول حتف لهم أدهى من الوخم
المصدري البيض حمرا بعد ما وردت ... من العدا كلّ مسودّ من اللّمم
والكاتبين بسمر الخطّ ما تركت ... أقلامهم حرف جسم غير منعجم
شاكي السلاح لهم سيما تميّزهم ... والورد يمتاز بالسّيما عن السّلم
تهدي إليك رياح النّصر نشرهم ... فتحسب الزّهر في الأكمام كلّ كمي
كأنّهم في ظهور الخيل نبت ربا ... من شدّة الحزم لا من شدّة الحزم
طارت قلوب العدى من بأسهم فرقا ... فما تفرّق بين البهم والبهم
ومن تكن برسول الله نصرته ... إن تلقه الأسد في آجامها تجم
أحلّ أمّته في حرز ملّته ... كاللّيث حلّ مع الأشبال في أجم
كم جدّلت كلمات الله من جدل ... فيه وكم خصم البرهان من خصم
كفاك بالعلم في الأميّ معجزة ... في الجاهلية والتأديب في اليتم
خدمته بمديح أستقيل به ... ذنوب عمر مضى في الشّعر والخدم
اذ قلّداني ما تخشى عواقبه ... كأنني بهما هدي من النّعم
أطعت غيّ الصّبا في الحالتين وما ... حصلت إلّا على الآثام والنّدم
فيا خسارة نفس في تجارتها ... لم تشتر الدّين بالدّنيا ولم تسم