وثبت آلاء الأخوة جاليا ... مآثر يهديها الولا والتحبب
وقوم أسباب التعاون فاغتدى ... نظاما على فوضى الجفا يتغلب
وقائعها للباحثين خوارق ... وتفسير ما فيها من الفوز أغرب
وما انتصر الفولاذ في ساحة الوغى ... رماحا إلى صدر العدو تصوب
بل انتصر العزم الذي شد أزره ... وفاء لما أوحاه طبع مهذب
وما اندحر الجيش الذي عاش خائفا ... وباغته جيش جريء مدرب
بل اندحر العهد الذي كان أمره ... مشيئة من يردي ويطغو ويغصب
لئن شاءت الدنيا من العرب همة ... إذا جارت الأرزاء تعلو وتصلب
فما نشر الإسلام سيف مجرد ... ولا عمم الإسلام عزم مرتب
ولكن كتاب لم ير الناس مثله ... مناهله للخير تنمو وتعذب
يشع على هام الدهور بيانه ... ويخلد ملك الضاد منه ويقشب
شرائعه في كل عصر وبيئة ... مثال لما يلي الرشاد ويوجب
لو اتبعت أهدت إلى العالم المنى ... وبات على زهر الصفا يتقلب
وأمسى التراضي سنة مستحبة ... وزال التجافي واضمحل التحزب
فلست تلاقي من يجور ويعتدي ... ولست تلاقي من يخاف ويكأب
وما نشر الإسلام جيش مرتب ... عليم بأسرار الوقائع محرب
ولكن صفات في الرسول كريمة ... ببوتقة، الأحداث تسمو وتنجب
تجلى بها «الإنسان» يدنو بخلقه ... إلى قمة فيها الكمال المنصب
يقابل بالصبر الجميل ضغائنا ... تمادى بها وغد يسب ويثلب
ويعفو عن الأسرى وكان وعيدهم ... بما في نواياهم من الثأر يلهب
ويطلب رأي الآخرين ورأيه ... متى بدت الآراء أعلى وأصوب
ويوصي بإسعاف الفقير وإن يكن ... عدوا لدودا في الوقيعة يدأب
إذا جاءه الملهوف فهو له أخ ... وإن جاءه المحروم فهو له أب
وإن عاد ذو إثم عن الإثم نادما ... يغض عن الماضي ولا يتعتب
ويحنو على الشيخ الذي جف عزمه ... ويحبو مع الطفل البريء ويلعب