ويجوز الكسر بوزن علم، أي: عوفي في الحال عافية كاملة، كأن لم يكن به وجع من رمد ولا ضعف بصر أصلاً. وعند الطبراني من حديث علي: فما رمدت ولا صدعت منذ دفع إلي النبي صلى الله عليه وسلم الراية. وفيه دليل على الشهادتين.
قوله:"فأعطاه الراية". قال المصنف: فيه الإيمان بالقدر لحصولها لمن لم يسع، ومنعها عمن سعى، وفيه التوكل على الله، والإقبال بالقلب إليه، وعدم الالتفات إلى الأسباب، وإن فعلها لا ينافي التوكل.
قوله:"وقال انفُذ على رسلك". أما " انفذ " فهو بضم الفاء، أي: امض لوجهك. ورسلك: ـ بكسر الراء وسكون السين ـ، أي: على رفقك ولينك من غير عجلة، يقال لمن يعمل الشيء برفق. وساحتهم: فناء أرضهم، وهو حواليها. وفيه الأدب عند القتال، وترك الطيش والأصوات المزعجة التي لا حاجة إليها، وفيه أمر الإمام عماله بالرفق واللين من غير ضعف ولا انتقاض عزيمة كما يشير إليه قوله:"حتى تنْزل بساحتهم".
قوله:"ثم ادعهم إلى الإسلام"، أي: الذي هو معنى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، ومن هذا الوجه طابق الحديث الترجمة.
وفي حديث أبي هريرة عند مسلم:"فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ بن أبي طالب، فأعطاه الراية. وقال: امش ولا تلتفت حتى يفتح الله عليك. فسار علي شيئًا ثم وقف ولم يلتفت، فصرخ: يا رسول الله على ماذا أقاتل الناس؟ فقال: قاتلهم حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منك دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله" ١.