للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالاعتكاف، وعيادة المريض. والحديث حجة عليه، لأنه لم يفرق بين ما له أصل في الوجوب وما لا أصل له، فإنّ نذر ابتداء كقوله: لله تعالى علي صوم شهر فالحكم أيضًا كذلك في قول الأكثرين. وعن بعضهم أنه لا يلزم، والحديث حجة عليه أيضًا، لأنه لم يفرق بين ما علقه على شرط وبين ما نذره ابتداء قوله: "ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" ١. زاد الطحاوي "وليكفر عن يمينه". قال ابن القطان: عندي شك في رفع هذه الزيادة، أي: لا يفعل المعصية التي نذرها وقد أجمع العلماء على أنه لا يجوز الوفاء بنذر المعصية.

قال الحافظ في "الفتح": واتفقوا على تحريم النذر في المعصية، وتنازعوا هل ينعقد موجبًا للكفارة أم لا؟ وقد تقدم ذلك في الباب قبله.

وقد يستدل بقوله: "ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" بصحة النذر في المباح، كما هو مذهب أحمد وغيره. يؤيده ما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ورواه أحمد والترمذي عن بريدة "أن امرأة قالت: يا رسول الله إني نذرت أن أضرب على رأسك بالدف. فقال: "أوف بنذرك" ٢ وإذا صححناه فحكمه حكم الحلف على فعله، فيخير بين فعله وكفارة اليمين.

وأما نذر اللجاج والغضب، فهو يمين عند أحمد، فيخير بين فعله وكفارة اليمين، لحديث عمران بن حصين مرفوعًا: "لا نذر في غضب، وكفارته كفارة يمين" ٣. رواه سعيد [بن منصور] وأحمد، والنسائي، وله طرق، وفيه كلام، فإن نذر مكروها كالطلاق، استحب أن يكفر ولا يفعله.


١ البخاري: الأيمان والنذور (٦٦٩٦ ,٦٧٠٠) , والترمذي: النذور والأيمان (١٥٢٦) , والنسائي: الأيمان والنذور (٣٨٠٦ ,٣٨٠٧ ,٣٨٠٨) , وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٨٩) , وابن ماجه: الكفارات (٢١٢٦) , وأحمد (٦/٣٦ ,٦/٤١ ,٦/٢٠٨ ,٦/٢٢٤) , ومالك: النذور والأيمان (١٠٣١) , والدارمي: النذور والأيمان (٢٣٣٨) .
٢ أبو داود: الأيمان والنذور (٣٣١٢) .
٣ النسائي: الأيمان والنذور (٣٨٤٢) , وأحمد (٤/٤٣٣) .

<<  <   >  >>