للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحديث: "لا نذر في معصية الله" ١. رواه أبو داود وغيره.

والنذر لغير الله إشراك مع الله، إلى أن قال: فالنذر لغير الله كالذبح لغيره. وقال الفقهاء: خمسة لغير الله شرك: الركوع والسجود والنذر والذبح واليمين. قال: والحاصل أن النذر لغير الله فجور، فمن أين تحصل لهم الأجور؟ انتهى ملخصًا.

وقال القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي: قد نهي عن النذر، وندب إلى الدعاء، والسبب فيه أن الدعاء عبادة عاجلة، ويظهر به التوجه إلى الله تعالى، والتضرع له، وهذا بخلاف النذر فإن فيه تأخير العبادة إلى حين الحصول وترك العمل إلى حين الضرورة.

فقد نص أبو بكر على أن الدعاء والنذر عبادتان، ولا يمتري مسلم أن من عبد غير الله فقد أشرك، ولكن كما قال تعالى: {وَمَا تُغْنِي الآياتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ} ٢.

قال: وفي " الصحيح " " عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه " ٣.

ش: قوله في "الصحيح" أي: "صحيح البخاري".

قوله: "عن عائشة". هي أم المؤمنين، وزوج النبي صلى الله عليه وسلم. وبنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم. وهي بنت سبع سنين، ودخل بها وهي بنت تسع سنين، وهي أفقه النساء مطلقًا، وأفضل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إلا خديجة ففيهما خلاف كثير. وماتت سنة سبع وخمسين على الصحيح، قاله الحافظ [في التّقريب] .

قوله: "من نذر أن يطيع الله فليطعه" أي: فليفعل ما نذره من طاعة الله وقد أجمع العلماء على أن من نذر طاعة بشرط يرجوه كقوله: إن شفى الله مريضي فعلي أن أتصدق بكذا ونحو ذلك، وجب عليه أن يوفي بها مطلقًا إذا حصل الشرط، إلا أنه حكي عن أبي حنيفة أنه لا يلزمه الوفاء بما لا أصل له في الوجوب،


١ مسلم: النذر (١٦٤١) , والنسائي: الأيمان والنذور (٣٨١٢ ,٣٨٤٩) , وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٣١٦) , وأحمد (٤/٤٤٣) , والدارمي: السير (٢٥٠٥) .
٢ سورة يونس آية: ١٠١.
٣ البخاري: الأيمان والنذور (٦٦٩٦) , والترمذي: النذور والأيمان (١٥٢٦) , والنسائي: الأيمان والنذور (٣٨٠٦ ,٣٨٠٧ ,٣٨٠٨) , وأبو داود: الأيمان والنذور (٣٢٨٩) , وابن ماجه: الكفارات (٢١٢٦) , وأحمد (٦/٣٦ ,٦/٤١ ,٦/٢٢٤) , ومالك: النذور والأيمان (١٠٣١) , والدارمي: النذور والأيمان (٢٣٣٨) .

<<  <   >  >>