جرى المقدور بحصول شيء مما يريدون، استبشروا وفرحوا ونسبوا ذلك إلى صاحب القبر، فإن لم يتيسر شيء من ذلك اعتذروا عن صاحب القبر بأنه إما غائب في مكان آخر، أو ساخط لبعض أعمالهم، أو أن اعتقادهم في الولي ضعيف، أو أنهم لم يعطوه نذره ونحو هذه الخرافات. ومن بعض أشعار المادحين لسيد المرسلين صلى الله عليه وسلم قول البوصيري:
١٥٢ يا أكرم الخلق ما لي مَنْ أَلُوذُ به ... سواك عند حلول الحادث العمم.
١٥٣ ولن يضيق رسول الله جاهك بي ... إذا الكريم تجلى باسم منتقم.
١٤٦ فإن لي ذمة منه بتسميتي ... محمدًا وهو أوفى الخلق بالذمم.
١٤٧ إن لم يكن في معادي آخذًا بيدي ... فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم.
فتأمل ما في هذه الأبيات من الشرك.
منها. أنه نفى أن يكون له ملاذًا إذا حلت به الحوادث، إلا النبي صلى الله عليه وسلم وليس ذلك إلا لله وحده لا شريك له، فهو الذي ليس للعباد ملاذ إلا هو.
الثاني. أنه دعاه وناداه بالتضرع وإظهار الفاقة والاضطرار إليه، وسأل منه هذه المطالب التي لا تُطْلَبُ إلا من الله، وذلك هو الشرك في الإلهية.
الثالث. سؤاله منه أن يشفع له في قوله: ولن يضيق رسول الله. البيت. وهذا هو الذي أرادها المشركون ممن عبدوه، وهو الجاه والشفاعة عند الله، وذلك هو الشرك وأيضًا فإن الشفاعة لا تكون إلا بعد إذن الله فلا معنى لطلبها من غيره، فإن الله تعالى هو الذي يأذن للشافع أن يشفع لأن الشافع يشفع ابتداء.
الرابع. قوله: فإن لي ذمة. إلى آخره. كذب على الله وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم فليس بينه وبين من اسمه محمد ذمة إلا بالطاعة، لا بمجرد الإشراك في الاسم مع الشرك.