للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأنت أقرب من ترجى عواطفه ... عندي وإن بعدت داري وأوطاني.

إني دعوتك من "نيابتي برع" ... وأنت أسمع من يدعوه ذو شان.

فامنع جنابي وأكرمني وصل نسبي ... برحمة وكرامات وغفران.

لقد أنسانا هذا ما قبله، وهذا بعينه هو الذي ادعته النصارى في عيسى عليه السلام، إلا أن أولئك أطلقوا عليه اسم الإله، وهذا لم يطلقه ولكن أتى بلباب دعواهم وخلاصتها، وترك الاسم، إذ في الاسم نوع تمييز، فرأى الشيطان أن الإتيان بالمعنى دون الاسم أقرب إلى ترويج الباطل، وقبوله عند ذوي العقول السخيفة، إذ كان من المتقرر عند الأمة المحمدية أن دعوى النصارى في عيسى عليه السلام كفر.

فلو أتاهم بدعوى النصارى اسما ومعنى لردوه وأنكروه، فأخذ المعنى وأعطاه البرعي وأضرابه، وترك الاسم للنصارى وإلا فما ندري ماذا أبقى هذا المتكلم الخبيث للخالق تعالى وتقدس من سؤال مطلب أو تحصيل مأرب، فالله المستعان.

وهذا كثير جدًّا في أشعار المادحين لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو حجة أعداء دينه الذين يجوزون الشرك بالله، ويحتجون بأشعار هؤلاء، ولم يقتصروا أيضًا على طلب ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم بل يطلبون مثل ذلك من غيره، كما حدث بعض الثقاة أنه رأى في رابية صاحب مشهد من المشاهد: هذه راية البحر التيار، به أستغيث، وأستجير، وبه أعوذ من النار.

وقال بعضهم في قصيدة في بعض آلهتهم:

يا سيدي يا صفي الدين يا سندي ... يا عمدتي بل ويا ذخري ومفتخري

أنت الملاذ لما أخشى ضرورته ... وأنت لي ملجأ من حادث الدهر.

إلى أن قال:

وامنن علي بتوفيق وعافية ... وخير خاتمة مهما انقضى عمري.

وكف عنا أكف الظالمين إذا ام ... تدت بسوء لأمر مؤلم نكر.

فإنني عبدك الراجي بودك ما ... أملته يا صفي السادة الغرر.

<<  <   >  >>