للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه الأقوال، فكل هذا شرك وضلال، يستتاب صاحبه، فإن تاب وإلا قتل، فإن الله إنما أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعبد وحده، ولا يدعى معه إله آخر والذين يدعون مع الله آلهة أخرى، مثل المسيح، والملائكة، والأصنام، لم يكونوا يعتقدون أنها تخلق الخلائق أو تنْزل المطر، أو تنبت النبات، وإنما كانوا يعبدونهم أو يعبدون قبورهم، أو يعبدون صورهم، يقولون: إنما {نَعْبُدُهُمْ ... لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ١. ويقولون: {هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ٢. فبعث الله رسله تنهى أن يدعى أحد من دونه، لا دعاء عبادة، ولا دعاء استغاثة. انتهى.

وقد نص الحافظ أبو بكر أحمد بن علي المقريزي صاحب كتاب "الخطط" في كتاب له في التوحيد على أن دعاء غير الله شرك.

وقال شيخ الإسلام: من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم يدعوهم ويسألهم، كفر إجماعًا، نقله عنه غير واحد مقررين له، منهم ابن مفلح في "الفروع" وصاحب "الإنصاف [المرداوي] " وصاحب "الغاية [مرعي الكرمي] " وصاحب "الإقناع [الحجاوي] " وشارحه [البهوتي] ، وغيرهم، ونقله صاحب "القواطع [ابن حجر الهيثمي] " في كتابه عن صاحب "الفروع".

قلت: وهو إجماع صحيح معلوم بالضرورة من الدين، وقد نص العلماء من أهل المذاهب الأربعة، وغيرهم في باب حكم المرتد، على أن من أشرك بالله فهو كافر، أي: عبد مع الله غيره بنوع من أنواع العبادات.

وقد ثبت بالكتاب والسنة والإجماع أن دعاء الله عبادة له، فيكون صرفه لغير الله شركًا.

وقال الإمام ابن النحاس الشافعي في كتاب "الكبائر": ومنها إيقادهم السرج عند الأحجار، والأشجار والعيون، والآبار، ويقولون: إنها تقبل النذر، وهذه كلها بدع شنيعة ومنكرات قبيحة تجب


١ سورة الزمر آية: ٣.
٢ سورة يونس آية: ١٨.

<<  <   >  >>