قوله:(بعد ما يقول: سمع الله لمن حمده) . قال أبو السعادات، أي: أجاب حمده وتقبله. وقال السهيلي: مفعول "سمع" محذوف، لأن السمع متعلق بالأقوال والأصوات دون غيرها، فاللام تؤذن بمعنى زائد وهو الاستجابة المقارنة للسمع، فاجتمع في الكلمة الإيجاز والدلالة على الزائد، وهو الاستجابة لمن حمده.
وقال ابن القيم رحمه الله تعالى ما معناه: عدى سمع الله لمن حمده باللام لتضمنه معنى: استجاب له، ولا حذف هناك، وإنما هو مضمن.
قوله: ربنا ولك الحمد. في بعض روايات البخاري بإسقاط الواو. قال النووي: لا ترجيح لإحداهما على الأخرى. وقال ابن دقيق العيد: كأن إثباتها دال على معنى زائد، لأنه يكون التقدير مثلاً: ربنا استجب ولك الحمد، فيشتمل على معنى الدعاء، ومعنى الخبر.
قال شيخ الإسلام: والحمد ضد الذم، والحمد يكون على محاسن المحمود مع المحبة له، كما أن الذم يكون على مساوئه مع البغض له، وكذا قال ابن القيم، وفرق بينه وبين المدح بأن الإخبار عن محاسن الغير، إما أن يكون إخبارًا مجردًا عن حب وإرادة، أو مقرونًا بحبه وإرادته، فإن كان الأول، فهو المدح، وإن كان الثاني، فهو الحمد. فالحمد إخبار عن محاسن المحمود مع حبه وإجلاله وتعظيمه، ولهذا كان خبرًا يتضمن الإنشاء بخلاف المدح، فإنه خبر مجرد. فالقائل إذا قال: الحمد لله، وقال: ربنا ولك الحمد، تضمن كلامه الخبر عن كل ما يحمد عليه تعالى باسم جامع محيط متضمن لكل فرد من أفراد الجملة المحققة والمقدرة، وذلك يستلزم إثبات كل كمال يحمد عليه الرب تعالى، ولهذا لا تصلح هذه اللفظة على هذا الوجه، ولا تنبغي إلا لمن هذا شأنه، وهو الحميد المجيد. وفيه التصريح بأن الإمام يجمع بين التسميع والتحميد، وهو قول الشافعي وأحمد وأبي يوسف، وخالف في ذلك مالك وأبو حنيفة فقالا: يقتصر على قول: سمع الله لمن حمده.