للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما كنتم تقولون إذا كان هذا في الجاهلية قالوا: كنا نقول: يولد عظيم، أو يموت عظيم، قال فإنها لا يرمى بها لموت أحد، ولا لحياته، ولكن ربنا إذا قضى أمرًا سبح حملة العرش، ثم سبح أهل السماء الذين يلون حملة العرش، فيقول الذين يلون حملة العرش لحملة العرش: ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم، ويخبر أهل كل سماء سماء حتى ينتهي الخبر إلى هذه السماء، وتخطف الجن السمع فيرمون، فما جاؤوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يحرفونه ويزيدون فيه" قال معمر: قلت للزهري: "أكان يرمى بها في الجاهلية؟ قال نعم. قال أرأيت: {وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَاباً رَصَداً} ، [الجن:٩] .

قال: غلظت، وشدد أمرها حين بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفيه الرد على المنجمين الذين ينسبون الخير والشر والإعطاء والمنع إلى الكواكب بحسب السعود منها والنحوس، وعلى حسب كونها في البروج الموافقة، أو المنافرة، ونحو ذلك لما في الرمي بها من الدلالة على تسخيرها لما خلقت له، كما قال تعالى: {إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ} ١.

قوله: فيكذب معها مائة كذبة، أي: يكذب الكاهن أو الساحر مع الكلمة التي ألقاها إليه وليّه من الشياطين مائة كذبة، بفتح الكاف وسكون الذال المعجمة، أو يكذب الشيطان مع الكلمة التي استرقها مائة كذبة، ويخبر بالجميع وليّه من الإنس، فما جاؤوا به على وجهه فهو صدق، وما خلط فيه فهو كذب، ومع هذا فيفتتن الإنس بالإنس الساحر والكاهن، ويفتتنان بولّيهما من الشياطين، ويقبلون ما جاؤوا به من الصدق والكذب، لكونهم قد يصدقون فيما يأتون به من خبر السماء.

قوله: فيقال: أليس قد قال لنا يوم كذا كذا؟ هكذا بيض المصنف في هذا الموضع، ولفظ الحديث في "الصحيح" فيقال:


١ سورة الأعراف آية: ٥٤.

<<  <   >  >>