من جملة المسلمين، فضلا عن كونهم أولياء، فضلاً عن كونهم يدعون ويستغاث بهم إلا بشيء من المخاريق والسحر والشعبذة، يدعون أن لهم كرامات، وأنهم أولياء لما يظهرونه من المخاريق.
وأعلم أن الضلال والكفر إنما استولى على أكثر المتأخرين بسبب نبذهم كتاب الله وراء ظهورهم، وإحسان الظن بمن سحرهم، ودعا إلى نفسه، واقتصارهم على القوانين والدعاوي والأوضاع التي وضعوها لأنفسهم، وإلا فلو قرؤوا كتاب الله، وعلموا بما فيه، ورجعوا عند الاختلاف إليه لوجدوا فيه الهدى والشفاء والنور، ولكن نبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنًا قليلا فبئس ما يشترون وتقدم الكلام على بقية الآية.
قال المؤلف: قال أبو العباس: نفى الله عما سواه كل ما يتعلق به المشركون، فنفى أن يكون لغيره ملك أو قسط منه أو يكون عونًا لله، ولم يبق إلا الشفاعة. فبين أنها لا تنفع إلا لمن أذن له الرب كما قال:{وَلا يَشْفَعُونَ إِلاَّ لِمَنِ ارْتَضَى} . فهذه الشفاعة التي يظنها المشركون هي منتفية يوم القيامة كما نفاها القرآن، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم "أنه يأتي فيسجد لربه ويحمده لا يبدأ بالشفاعة أولاً، ثم يقال له. ارفع رأسك، وقل يسمع، واسأل تعط واشفع تشفع. وقال له أبو هريرة: "من أسعد الناس بشفاعتك؟ قال: من قال: لا إله إلا الله خالصا من قلبه " ١. فتلك الشفاعة لأهل الإخلاص بإذن الله ولا تكون لمن أشرك، بالله وحقيقته أن الله سبحانه هو الذي يتفضل على أهل الإخلاص، فيغفر لهم بواسطة دعاء من أذن له أن يشفع ليكرمه، وينال المقام المحمود فالشفاعة التي نفاها القرآن ما كان فيها شرك، ولهذا أثبت الشفاعة بإذنه في مواضع. وقد بين النبي صلى الله عليه وسلم أنها لا تكون إلا لأهل التوحيد والإخلاص. انتهى كلامه.