للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ش: هكذا ثبت هذا البياض في أصل المصنف، وذكره أيضًا غير معزو. والحديث رواه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة عن ابن عباس، وهذا لفظ ابن ماجة: حدثنا علي بن محمد حدثنا أبو أسامة عن عوف عن زياد بن الحصين عن أبي العالية عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "غداة العقبة وهو على ناقته: القط لي حصى. فلقطت له سبع حصيات هن حصى الحذف فجعل ينفضهن في كفه ويقول: أمثال هؤلاء فارموا، وإياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين" ١. وهذا إسناد صحيح. وعوف، هو الأعرابي ثقة مشهور.

قوله: إياكم والغلو. إلى آخره. قل شيخ الإسلام: هذا عام في جميع أنواع الغلو في الاعتقادات والأعمال وسبب هذا اللفظ العام رمي الجمار وهو داخل فيه، مثل الرمي بالحجارة الكبار، بناء على أنه أبلغ من الصغار، ثم علله بما يقتضي مجانبة هديهم، أي: هدي من كان قبلنا إبعادًا عن الوقوع فيما هلكوا به، وأن المشارك لهم في بعض هديهم يخاف عليه من الهلاك.

قال: ولمسلم عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "هلك المتنطعون قالها ثلاثا" ٢.

ش: قوله: "هلك المتنطعون"٣. قال الخطابي: المتنطع المتعمق في الشيء، المتكلف البحث عنه على مذاهب أهل الكلام، الداخلين فيما لا يعنيهم الخائضين فيما لا تبلغه عقولهم.

وقال أبو السعادات: هم المتعمقون الغالون في الكلام، المتكلمون بأقصى حلوقهم; مأخوذ من النطع وهو الغار الأعلى من الفم، ثم استعمل في كل متعمق قولاً وفعلاً.

وقال غيره: هم الغالون في عبادتهم بحيث تخرج عن قوانين الشريعة، ويسترسل مع الشيطان في الوسوسة. وكل هذه الأقوال


١ النسائي: مناسك الحج (٣٠٥٧) .
٢ مسلم: العلم (٢٦٧٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٨) , وأحمد (١/٣٨٦) .
٣ مسلم: العلم (٢٦٧٠) , وأبو داود: السنة (٤٦٠٨) , وأحمد (١/٣٨٦) .

<<  <   >  >>