للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: (فقد نهى عنه في آخر حياته) ، أي: كما في حديث جندب.

قوله: (ثم إنه لعن) -وهو في السياق- من فعله، أي: كما في حديث عائشة.

قوله: (والصلاة عندها من ذلك) ، وإن لم يبن مسجدًا، يعني: أن الصلاة عند القبور وإليها من اتخاذها مساجد الملعون من فعله، وإن لم يبن مسجدًا، فتحرم الصلاة في المقبرة وإلى القبور، بل لا تنعقد أصلاً لما في هذه الأحاديث الصحيحة وغيرها، من لعن من اتخذها مساجد.

وروى مسلم عن أبي مرثد الغنوي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها" ١ وعن أبي سعيد الخدري مرفوعًا: "الأرض كلها مسجد إلا المقبرة والحمام" ٢. رواه أحمد وأهل السنن، وصححه ابن حبان والحاكم من طرق على شرط الشيخين، وفي "صحيح البخاري" أن: "عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى أنس بن مالك يصلي عند قبر فقال: القبر القبر". وهذا يدل على أنه كان من المستقر عند الصحابة ما نهاهم عنه نبيهم صلى الله عليه وسلم من الصلاة عند القبور. وفعل أنس لا يدل على اعتقاد جوازه، فإنه لعله لم يره، ولم يعلم أنه قبر أو ذهل عنه، فلما نبهه عمر تنبه.

وفي هذا كله إبطال قول من زعم أن النهي عن الصلاة فيها لأجل النجاسة، فهذا أبعد شيء عن مقاصد الرسول صلى الله عليه وسلم، بل العلة في ذلك الخوف على الأمة أن يقعوا فيما وقعت فيه اليهود والنصارى، وعباد {اللَّاتَ وَالْعُزَّى} من الشرك، ويدل على


١ مسلم: الجنائز (٩٧٢) , والترمذي: الجنائز (١٠٥٠) , والنسائي: القبلة (٧٦٠) , وأبو داود: الجنائز (٣٢٢٩) , وأحمد (٤/١٣٥) .
٢ الترمذي: الصلاة (٣١٧) , وأبو داود: الصلاة (٤٩٢) , وابن ماجه: المساجد والجماعات (٧٤٥) .

<<  <   >  >>