للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لعن من فعل ذلك. فدلت هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة على تحريم البناء على القبور مطلقًا، فلذلك اكتفى المصنف بإيرادها عن غيرها، كحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص القبر، وأن يقعد عليه وأن يبنى عليه. رواه مسلم وغيره وزاد أبو داود والحاكم: وأن يكتب عليه.

[شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد]

قال: ولأحمد بسند جيد، عن ابن مسعود مرفوعًا: "إن من شرار الناس من تدركهم الساعة وهم أحياء، والذين يتخذون القبور مساجد" ١ رواه أبو حاتم [وابن حبان] في " صحيحه".

ش: قوله: "إن من شرار الناس". هو بكسر الشين جمع شر.

قوله: "من تدركهم الساعة وهم أحياء". أي: من تقوم عليهم الساعة بحيث ينفخ في الصور وهم أحياء، وهذا كحديثه الآخر الذي في مسلم: "لا تقوم الساعة إلا على شرار الخلق".

فإن قلت: ما الجمع بين هذا وبين حديث ثوبان: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق" ٢. وما في معناه.

قيل: حديث ثوبان مستغرق للأزمنة، عامّ فيها، وهذا مخصص وسيأتي زيادة لذلك عند الكلام على حديث ثوبان إن شاء الله تعالى.

قوله: "والذين يتخذون القبور مساجد". "الذين" في محل نصب عطفًا على "من" الموصولة، أي: إن من شرار الناس الذين يتخذون القبور مساجد، بالصلاة عندها وإليها، وبناء المساجد عليها. وهذا المعنى متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم معلوم بالاضطرار من دينه. وكل ذلك شفقة على الأمة وخوفًا عليهم أن يقودهم ذلك إلى الشرك بها وبأصحابها، كما قاد إلى ذلك اليهود والنصارى. فأبى عباد القبور إلا الضرب بهذه الأحاديث الجدار ونبذها وراء الظهر، أو الدفع في


١ ابن ماجه: الفتن (٤٠١٩) .
٢ الترمذي: تفسير القرآن (٣٠٥٨) , وابن ماجه: الفتن (٤٠١٤) .

<<  <   >  >>