الجمعة وليلة الجمعة فإن صلاتكم معروضة علي" قالوا: يا رسول الله كيف تعرض صلاتنا عليك وقد أرمت؟ قال: "إن الله حرّم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء" ١. رواه أبو داود، والنسائي، وابن ماجة.
فهذه الأحاديث وغيرها تدل على أن صلاتنا عليه تبلغه سواء كنا عند قبره أو لم نكن، فلا مزية لمن سلم عليه أو صلى عند قبره، كما قال الحسن بن الحسن: ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء.
وأما حديث:. فرواه البيهقي [في حياة الأنبياء ص: ١٥] ، وغيره من حديث العلاء بن عمرو الحنفي: حدثنا أبو عبد الرحمن عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره. قال البيهقي: أبو عبد الرحمن هذا، هو محمد بن مروان السدي فيما أرى، وفيه نظر.
قلت: محمد بن مروان السدي الصغير قال فيه يحيى بن معين: ليس بثقة، وقال الجوزجاني: ذاهب الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وكذلك قال أبو حاتم الرازي والأزدي.
وقال صالح بن محمد: كان يضع الحديث على أن معناه صحيح معلوم من أحاديث أخر، كإخباره بسماع الموتى لسلام من يسلم عليهم إذا مر على قبورهم.
فإن قيل: إذا سمع سلام المسلم عليه عند قبره حصلت المزية بسماعه.
قيل: هذا لو حصل الوصول إلى قبره، أما وقد منع الناس من الوصول إليه بثلاثة الجدران، فلا تحصل مزية، فسواء سلم عليه عند قبره أو في مسجده إذا دخله، أو في أقصى المشرق والمغرب، فالكل يبلغه، كما وردت به الأحاديث، وليس في شيء منها أنه يسمع صوت المصلي والمسلم بنفسه، إنما فيها أن ذلك يعرض عليه ويبلغه صلى الله عليه وسلم. ومعلوم أنه أراد بذلك الصلاة والسلام الذي أمر به الله، سواء صلى عليه في مسجده أو في مدينته أو في مكان آخر، فعلم أن
١ النسائي: الجمعة (١٣٧٤) , وأبو داود: الصلاة (١٠٤٧ ,١٥٣١) , وابن ماجه: ما جاء في الجنائز (١٦٣٦) , وأحمد (٤/٨) , والدارمي: الصلاة (١٥٧٢) .