للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عيدًا، وصلُّوا عليّ حيثما كنتم" ١. وكيف لم يفهم أصحابه وأهل بيته من ذلك ما فهمه هؤلاء الضلال الذين جمعوا بين الشرك والتحريف؟! وهذا أفضل التابعين من أهل بيته علي بن الحسين رضي الله عنهما، نهى ذلك الرجل أن يتحرى الدعاء عند قبره صلى الله عليه وسلم واستدل بالحديث وهو الذي رواه وسمعه من أبيه الحسين عن جده علي رضي الله عنهما، وهو أعلم بمعناه من هؤلاء الضلال، وكذلك ابن عمه الحسن بن الحسن شيخ أهل بيته، كره أن يقصد الرجل القبر إذا لم يكن يريد المسجد، ورأى أن ذلك من اتخاذه عيدًا. انتهى.

قلت: وكيف يريد النبي صلى الله عليه وسلم هذا المعنى ويعبر عنه بهذا الكلام، مع أنه أفصح الخلق وأنصحهم، وكان يمكنه أن يقول: أكثروا زيارة قبري، أو اجعلوه عيدًا تعتادون المجيء إليه والعبادة عنده؟! فظهر بطلان هذا القول.

إذا تبين ذلك، فمعنى الحديث نهيه عن زيارة قبره على وجه مخصوص، واجتماع معهود كالعيد الذي يكون على وجه مخصوص، في زمان مخصوص. وذلك يدل على المنع في جميع القبور وغيرها، لأن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل قبر على وجه الأرض، وقد نهى عن اتخاذه عيدًا فقبر غيره أولى بالنهي كائنًا من كان. قال المصنف: وفيه النهي عن الإكثار من الزيارة.

قوله: "وصلُّوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" ٢. قال شيخ الإسلام: يشير بذلك إلى أن ما ينالني منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم، فلا حاجة بكم إلى اتخاذه عيدًا. انتهى.

وقد روى أبو داود عن أبي هريرة مرفوعًا: "ما من أحد يسلِّم عَلَيَّ إلا رد الله عَلَيَّ روحي حتى أرد عليه السلام" ٣؟ وعن أوس بن أوس مرفوعًا: "أكثروا من الصلاة علي يوم


١ أبو داود: المناسك (٢٠٤٢) , وأحمد (٢/٣٦٧) .
٢ أبو داود: المناسك (٢٠٤٢) , وأحمد (٢/٣٦٧) .
٣ أبو داود: المناسك (٢٠٤١) , وأحمد (٢/٥٢٧) .

<<  <   >  >>