للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"للصحيحين". ولعله نقله عن غيره ولفظهما، والسياق لمسلم عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لتتبعن سنن من كان قبلكم شبرًا بشبر وذراعًا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لاتبعتموهم. قلنا: يا رسول الله آليهود والنصارى؟ قال فمن؟! " ١. ويحتمل أن يكون مرويًّا عند غيرهما باللفظ الذي ذكره المصنف وأراد أصله لا لفظه.

قوله: (لتتبعن) ، هو بضم العين وتشديد النون.

قوله: (سنن) ، بفتح المهملة، أي: طريق من كان قبلكم. أي: الذين قبلكم قال الْمُهَلَّب: الفتح أولى، وقال ابن التين: قرأناه بضمها.

قوله: (حذو القذة بالقذة) ، هو بنصب حذو على المصدر، والقذة - بضم القاف - واحدة القذذ وهي ريش السهم، وله قذتان متساويتان، أي: لتفعلن أفعالهم، ولتتبعن طرائقهم حتى تشبهوهم وتحاذوهم، كما تشبه قذة السهم القذة الأخرى، ثم إن هذا لفظ خبر معناه النهي عن متابعتهم، ومنعهم من الالتفات لغير دين الإسلام، لأن نوره قد بهر الأنوار وشريعته نسخت الشرائع، وهذا من معجزاته، فقد اتبع كثير من أمته سنن اليهود والنصارى وفارس في شيمهم ومراكبهم وملابسهم، وإقامة شعارهم في الأديان والحروب والعادات من زخرفة المساجد، وتعظيم القبور واتخاذها مساجد، حتى عبدوها ومن فيها من دون الله، وإقامة الحدود والتعزيرات على الضعفاء دون الأقوياء، وترك العمل يوم الجمعة، والتسليم بالأصابع، وعدم عيادة المريض يوم السبت، والسرور بخميس البيض، وأن الحائض لا تمس عجينًا، واتخاذ الأحبار والرهبان أَرْبَاباً مِنْ دُونِ الله، والإعراض عن كتاب الله، والإقبال على كتب الضلال


١ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٥٦) , ومسلم: العلم (٢٦٦٩) , وأحمد (٣/٨٤ ,٣/٨٩ ,٣/٩٤) .

<<  <   >  >>