للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من السحر والفلسفة والكلام والتكذيب بصفات الله التي وصف الله بها نفسه أو وصفه بها رسوله صلى الله عليه وسلم ووصفه بما لا يليق به من النقائص والعيوب إلى غير ذلك مما اتبعوا فيه اليهود والنصارى.

قوله: (حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) ، الْجحر - بضم الجيم بعدها حاء مهملة - معروف.

وفي حديث آخر: "حتى لو كان فيهم من أتى أمه علانية لكان في أمتي من يصنع ذلك" ١ وفي حديث آخر: "حتى لو أن أحدهم جامع أمه في الطريق لفعلتموه" صحت بذلك الأحاديث، فأخبر أن أمته ستفعل ما فعلته اليهود والنصارى وفارس من الأديان والعادات والاختلاف.

قال شيخ الإسلام: هذا خرج مخرج الخبر والذم لمن يفعله كما كان يخبر عما يكون بين يدي الساعة من الأشراط والأمور المحرمة.

وقال غيره: وجمع ذلك أن كفر اليهود أشد من جهة عدم العمل بعلمهم فهم يعلمون الحق ولا يتبعونه عملاً ولا قولاً، وكفر النصارى من جهة عملهم بلا علم، فهم يجتهدون في أصناف العبادات بلا شريعة من الله، ويقولون ما لا يعلمون، ففي هذه الأمة من يحذو حذو الفريقين.

ولهذا كان السلف كسفيان بن عيينة يقولون: من فسد من علمائنا، ففيه شبه من اليهود، ومن فسد من عبادنا ففيه شبه من النصارى، وقضاء الله نافذ بما أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم بما سبق في علمه، لكن ليس الحديث إخبارًا عن جميع الأمة لما تواتر عنه أنها لا تجتمع على ضلالة.

قوله: "قالوا: يا رسول الله آليهود والنصارى؟ قال فمن؟ " هو برفع اليهود خبر مبتدأ محذوف، أي: أهم اليهود والنصارى الذين نتبع سنتهم؟ وقوله: قال: "فمن" استفهام إنكار، أي: فمن هم غير أولئك؟ ثم إنه فسر هنا باليهود والنصارى، وفي رواية أبي هريرة في البخاري بفارس والروم ولا تعارض، كما قال


١ الترمذي: الإيمان (٢٦٤١) .

<<  <   >  >>