للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

على ما فسره مجاهد وغيره قالوا: لنا هذه، أي: نحن الجديرون الحقيقون به، ونحن أهله وإن تصبهم سيئة، أي: بلاء وضيق وقحط يطيروا بموسى ومن معه، فيقولون: هذا بسبب موسى وأصحابه أصابنا بشؤمهم كما يقوله المتطير لمن يتطير به. فأخبر سبحانه أن طائرهم عنده فقال: {أَلا إِنَّمَا طَائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ} ١. قال ابن عباس: طائرهم ما قضي عليهم وقدر لهم. وفى رواية ذكرها ابن جرير عنه قال: الأمر من قبل الله، وفي رواية: شؤمهم عند الله ومن قبله، أي: إنما جاءهم الشؤم من قبله بكفرهم وتكذيبهم بآياته ورسله. وقيل: المعنى أن الشؤم العظيم هو الذي عند الله من عذاب النار لا هذا الذي أصابهم في الدنيا. والظاهر أن هذه الآية كقوله تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} ٢، أي: أن الكل من الله لكن هذا الشؤم الذي أجراه عليهم من عنده هو بسبب أعمالهم لا بسبب موسى عليه السلام ومن معه. وكيف يكون ذلك وما جاء به خير محض؟ والطيرة إنما تكون بالشر لا بالخير.

وقوله: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ} ٣، أي: أن أكثرهم جهال لا يدرون، ولو فهموا أو عقلوا لعلموا أنه ليس فيما جاء به موسى عليه السلام شيء يقتضي الطيرة.

وقال ابن جرير: يقول تعالى ذكره: ألا إنمّا طائر آل فرعون وغيرهم - وذلك أنصباؤهم من الرخاء والخصب وغير ذلك من أنصباء الخير والشر - إلا عند الله، ولكن أكثرهم لا يعلمون أن ذلك كذلك، فلجهلهم بذلك كانوا يتطيرون بموسى ومن معه.

قال: وقوله: {قَالُوا طَائِرُكُمْ مَعَكُمْ ... } ٤ الآية.

ش: المعنى والله أعلم، أي: حظكم وما نالكم من خير وشر معكم بسبب أفعالكم وكفركم ومخالفتكم الناصحين، ليس هو من أجلنا ولا بسببنا، بل ببغيكم وعداوتكم فطائر الباغي الظالم معه وهو عند الله كما قال تعالى: {وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ


١ سورة الأعراف آية: ١٣١.
٢ سورة النساء آية: ٧٨.
٣ سورة الأنعام آية: ٣٧.
٤ سورة يس آية: ١٩.

<<  <   >  >>