قوله:"ولا صفر"، بفتح الفاء. روى أبو عبيد القاسم بن سلام في "غريب الحديث " له عن رؤبة أنه قال: هي حية تكون في البطن تصيب الماشية والناس وهي أعدى من الجرب عند العرب. فعلى هذا فالمراد بنفيه ما كانوا يعتقدونه من العدوى، ويكون عطفه على العدوى من عطف الخاص على العام. وممن قال بهذا: سفيان بن عيينة وأحمد والبخاري وابن جرير، وقال آخرون: المراد به شهر صفر، والنفي لما كان أهل الجاهلية يفعلونه في النسيء، وكانوا يحلون المحرم، ويحرمون صفر مكانه. وهذا قول مالك وفيه نظر. وروى أبو داود عن محمد بن راشد عمن سمعه يقول: إن أهل الجاهلية كانوا يستشئمون بصفر ويقولون: إنه شهر مشؤوم فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، قال ابن رجب: ولعل هذا القول أشبه الأقوال، وكثير من الجهال يتشاءم بصفر، وربما ينتهي عن السفر فيه. والتشاؤم بصفر هو من جنس الطيرة المنهي عنها، وكذلك التشاؤم بيوم من الأيام، كيوم الأربعاء وتشاؤم أهل الجاهلية بشوال في النكاح فيه خاصة.
قوله:"ولا نوء"النوء واحد الأنواء. وسيأتي الكلام عليه في باب ما جاء في الاستسقاء بالأنواء.
قوله:"ولا غول". هو بالفتح مصدر معناه: البعد والهلاك وبالضم الاسم، وجمعه أغوال وغيلان وهو المراد هنا. قال أبو السعادات: الغول واحد الغيلان، وهو جنس من الجن والشياطين كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولاً، أي: تتلون تلونًا في صور شتى وتُغْوِلُهم، أي: تضلهم عن الطريق وتهلكهم، فنفاه النبي صلى الله عليه وسلم وأبطله.
وقيل: قوله: لا غول ليس نفيًا لعين الغول ووجوده، وإنما فيه إبطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله. فيكون المعنى بقوله:"لا غول"، أنها لا تستطيع أن تضل أحدًا ويشهد له الحديث الآخر: "لا غول ولكن السعالي سحرة