للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد استدل بعض المنجمين بآيات من كتاب الله على صحة علم التنجيم ١-منها قوله: {وَعَلامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} ١

والجواب أنه ليس المراد بهذه الآية أن النجوم علامات على الغيب يهتدي بها الناس في علم الغيب، وإنما المعنى وعلامات، أي: دلالات على قدرة الله وتوحيده. وعن قتادة ومجاهد أن من النجوم ما يكون علامة لا يهتدى إلا بها، وقيل: إن هذا من تمام الكلام الأول وهو قوله: {وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَاراً وَسُبُلاً لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَعَلامَاتٍ} ٢، أي: وألقى لكم معالم يعلم بها الطريق والأراضي من الجبال الكبار والصغار يستدل بها المسافرون في طرقهم. وقوله: {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} ٣. قال ابن عباس في الآية: {وَعَلامَاتٍ} يعني: معالم الطرق بالنهار {وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ} ٤. قال: يهتدون به في البحر في أسفارهم. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. فهذا القول ونحوه هو معنى الآية، فالاستدلال بها على صحة علم التنجيم استدلال على ما يعلم فساده بالاضطرار من دين الإسلام بما لا يدل عليه لا نصًّا ولا ظاهرًا، وذلك أفسد أنواع الاستدلال، فإن الأحاديث جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم بإبطال علم التنجيم وذمه، منها حديث "من اقتبس شعبة من علم النجوم فقد اقتبس شعبة من السحر" ٥. الحديث وقد تقدم. وعن عبد الله بن محيريز التابعي الجليل أن سليمان بن عبد الملك دعاه فقال: لو علمت علم النجوم فازددت إلى علمك. فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن أخوف ما أخاف على أمتي ثلاث: حيف الأئمة، وتكذيب بالقدر، وإيمان بالنجوم". وعن رجاء بن حيوة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مما أخاف على أمتي التصديق بالنجوم، والتكذيب بالقدر، وحيف الأئمة". رواهما عبد بن حميد. فهذان المرسلان من هذين الوجهين المختلفين يدلان


١ سورة النحل آية: ١٦.
٢ سورة آية: ١٥-١٦.
٣ سورة النحل آية: ١٦.
٤ سورة النحل آية: ١٦.
٥ مسلم: الإيمان (١٥٣) , وأحمد (٢/٣١٧ ,٢/٣٥٠) .

<<  <   >  >>