للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

٢- ومنها قوله تعالى عن إبراهيم: {فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ} ١.

والجواب: أن هذا من جنس استدلاله بالآية الأولى في الفساد، فأين فيها ما يدل على صحة أحكام النجوم بوجه من وجوه الدلالات؟! وهل إذا رفع إنسان بصره إلى النجوم، فنظر إليها، دل ذلك على صحة علم النجوم عنده؟! وكل الناس ينظرون إلى النجوم، فلا يدل ذلك على صحة علم أحكامها. وكأن هذا ما شعر أن إبراهيم عليه السلام إنما بعث إلى الصابئة المنجمين مبطلاً لقولهم مناظرًا لهم على ذلك.

فإن قيل على هذا: فما فائدة نظرته في النجوم؟.

قيل: نظرته في النجوم من معارض الأفعال ليتوصل به إلى غرضه من كسر الأصنام كما كان قوله: {قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} ٢. فمن ظن أن نظرته في النجوم ليستنبط منها علم الأحكام، وعلم أن طالعه يقضي عليه بالنحس، فقد ضل ضلالاً بعيدًا. ولهذا جاء في حديث الشفاعة الصحيح أنه عليه السلام يقول: "لست هناكم ويذكر ثلاث كذبات كذبهن" وعدها العلماء قوله: {إِنِّي سَقِيمٌ} . قوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا} . وقوله لسارة: هي أختي.

فلو كان قوله: إني سقيم أخذه من علم النجوم لم يعتذر من ذلك، وإنما هي من معاريض الأفعال، فلهذا اعتذر منها كما اعتذر من قوله: {بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ} ، ذكر ذلك ابن القيم. لكن قوله: وعدها العلماء. يدل على أنه لم يستحضر الحديث الوارد في عدها. وقد رواه أحمد والبخاري وأصحاب "السنن" وابن جرير وغيرهم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:


١ سورة الصّافات آية: ٨٨-٨٩.
٢ سورة الأنبياء آية: ٦٣.

<<  <   >  >>