للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن" ١. والأحساب جمع حسب وهو ما يعده الإنسان له ولآبائه من شجاعة وفصاحة ونحو ذلك.

قوله: "والطعن في الأنساب". أي: الوقوع فيها بالذم والعيب أو يقدح في نسب أحد من الناس فيقول: ليس هو من ذرية فلان أو يعيره بما في آبائه من المطاعن، ولهذا لما عير أبو ذر رضي الله عنه رجلاً بأمه، قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي ذر: "أعيرته بأمه؟! إنك امرؤٌ فيك جاهلية" ٢. متفق عليه. فدل ذلك أن التعيير بالأنساب من أخلاق الجاهلية، وأن الرجل مع فضله وعلمه ودينه قد يكون فيه بعض هذه الخصال المسماة بجاهلية ويهودية ونصرانية، ولا يوجب ذلك كفره وفسقه. قاله شيخ الإسلام.

قوله: "والاستسقاء بالنجوم". أي: نسبة السقيا ومجيء المطر إلى النجوم والأنواء، وهذا هو الذي خافه النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، كما روى الإمام أحمد وابن جرير عن جابر السوائي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أخاف على أمتي ثلاثًا: استسقاء بالنجوم، وحيف السلطان، وتكذيبًا بالقدر" ٣.

إذا تبين هذا، فالاستسقاء بالنجوم نوعان:

أحدهما: أن يعتقد أن المنَزل للمطر هو النجم، فهذا كفر ظاهر، إذ لا خالق إلا الله، وما كان المشركون هكذا، بل كانوا يعلمون أن الله هو المنزل للمطر، كما قال تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهَا لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} ٤. وليس هذا معنى الحديث، فالنبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن هذا لا يزال في أمته، ومن اعتقد أن النجم ينَزل المطر، فهو كافر.

الثاني: أن ينسب إنزال المطر إلى النجم، مع اعتقاده أن الله تعالى هو الفاعل لذلك المنَزل له، إلا أنه سبحانه وتعالى أجرى


١ الترمذي: المناقب (٣٩٥٥) , وأبو داود: الأدب (٥١١٦) .
٢ البخاري: الإيمان (٣٠) , ومسلم: الأيمان (١٦٦١) , وأبو داود: الأدب (٥١٥٧ ,٥١٥٨) , وأحمد (٥/١٦١) .
٣ أحمد (٥/٨٩) .
٤ سورة العنكبوت آية: ٦٣.

<<  <   >  >>