وكراهته، وصرح أصحاب الشافعي بجوازه، والصحيح أنه محرم، لأنه من الشرك الخفي، وهو الذي أراده النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر أنه من أمر الجاهلية، ونفاه، وأبطله، وهو الذي كان يزعم المشركون، ولم يزل موجودًا في هذه الأمة إلى اليوم، وأيضًا فإن هذا من النبي صلى الله عليه وسلم حماية لجناب التوحيد وسدًّا لذرائع الشرك ولو بالعبادات الموهمة التي لا يقصدها الإنسان، كما قال لرجل قال له:"ما شاء الله وشئت، قال: أجعلتني لله ندًّا؟! بل ما شاء الله وحده" ١.
وفيه التنبيه على ما هو أولى بالمنع من نسبة السقيا إلى الأنواء كدعاء الأموات، وسؤالهم الرزق والنصر والعافية ونحو ذلك من المطالب، فإن هذا من الشرك الأكبر، سواء قالوا: إنهم شفعاؤنا إلى الله، كما قال المشركون:{هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ، [يونس: من الآية: ١٨] ، أو اعتقدوا أنهم يخلقون، ويرزقون وينصرون استقلالاً على سبيل الكرامة، كما ذكره بعض عباد القبور في رسالة صنفها في ذلك، لأنه إذا منع من إطلاق نسبة السقيا إلى الأنواء مع عدم القصد والاعتقاد، فلأن يمنع من دعاء الأموات والتوجه إليهم في الملمات مع اعتقاد أن لهم أنواع التصرفات أولى وأحرى.
قوله:(والنياحة) . أي: رفع الصوت بالندب على الميت، لأنها سخط لقضاء الله ومعارضة لأحكامه وسوء أدب مع الله، ولا كذلك ينبغي أن يفعل المملوك مع سيده، فكيف يفعله مع ربه وسيده ومالكه وإلهه الذي لا إله له سواه! الذي كل قضائه عدل، وأيضًا ففيها تفويت الأجر مع ذهاب المصيبة.
وفي الحديث دليل على شهادة أن محمدًا رسول الله، لأن هذه الأخبار من أنباء الغيب، فأخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم فكان كما أخبر.