للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: وقال: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها". فيه تنبيه على أن الوعيد والذم لا يلحق مَنْ تاب من الذنب، وهو كذلك بالإجماع، فعلى هذا إذا عرف شخص بفعل ذنوب توعد الشرع عليها بوعيد لم يجز إطلاق القول بلحوقه لذلك الشخص المعين، كما يظنه كثير من أهل البدع، فإن عقوبات الذنوب ترتفع بالتوبة، والحسنات الماحية، والمصائب المكفرة، ودعاء المؤمنين بعضهم لبعض، وشفاعة نبيهم صلى الله عليه وسلم فيهم، وعفو الله عنهم.

وفيه أن مَنْ تاب قبل الموت ما لم يغرغر، فإن الله يتوب عليه، كما في حديث ابن عمر مرفوعًا: "إن الله تعالى يقبل توبة العبد ما لم يغرغر" ١. رواه أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان في "صحيحه".

قوله: "تقام يوم القيامة"، أي: تبعث من قبرها، وعليها سربال من قطران ودرع من جرب. قال القرطبي: السربال. واحد السرابيل، وهي الثياب والقمص، يعني أنهن يلطخن بالقطران، فيصير لهن كالقميص حتى يكون اشتعال النار والتصاقها بأجسادهن أعظم ورائحتهن أنتن وألمها بسبب الجرب أشد. وروي عن "ابن عباس أن القطران هو النحاس المذاب"وروى الثعلبي في "تفسيره" عن "عمر بن الخطاب أنه سمع نائحة فأتاها، فضربها بالدرة حتى وقع خمارها، فقيل يا أمير المؤمنين: المرأة المرأة قد وقع خمارها. قال: إنها لا حرمة لها".

قال: ولهما عن زيد بن خالد قال: "صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على إثر سماء كانت من الليل، فلما انصرف أقبل على الناس. فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما مَنْ قال: مُطِرْنَا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر


١ الترمذي: الدعوات (٣٥٣٧) , وابن ماجه: الزهد (٤٢٥٣) .

<<  <   >  >>