للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُولَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ} ١، إلى قوله: {إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَنْ يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} ٢. فنفى الإيمان عمن تولى عن طاعة الرسول، وأخبر أن المؤمنين إذا دُعوا إلى الله ورسوله سمعوا وأطاعوا. فتبين أن هذا من لوازم الإيمان والمحبة، لكن كل مسلم لا بد أن يكون محبًّا بقدر ما معه من الإسلام كما أن كل مؤمن لا بد أن يكون مسلمًا، وكل مسلم لا بد أن يكون مؤمنًا، وإن لم يكن مؤمنًا الإيمان المطلق، لأن ذلك لا يحصل إلا لخواص المؤمنين، فإن الاستسلام لله ومحبته لا تتوقف على هذا الإيمان الخاص.

قال شيخ الإسلام: وهذا الفرق يجده الإنسان من نفسه ويعرفه من غيره، فعامة الناس إذا أسلموا بعد كفر، أو ولدوا على الإسلام، والتزموا شرائعه، وكانوا من أهل الطاعة لله ورسوله، وهم مسلمون، ومعهم إيمان مجمل، لكن دخول حقيقة الإيمان إلى قلوبهم يحصل شيئًا فشيئًا إن أعطاهم الله ذلك، وإلا فكثير من الناس لا يصلون إلى اليقين، ولا إلى الجهاد ولو شككوا لشكوا، ولو أمروا بالجهاد لما جاهدوا، وليسوا كفارًا ولا منافقين، بل ليس عندهم من علم القلب ومعرفته ويقينه ما يدرأ الريب، ولا عندهم من قوة الحب لله ورسوله ما يقدمونه على الأهل والمال. وهؤلاء إن عرفوا من المحنة وماتوا دخلوا الجنة، وإن ابتلوا بمن يدخل عليهم شبهات توجب ريبهم فإن لم ينعم الله عليهم بما يزيل الريب، وإلا صاروا مرتابين وانتقلوا إلى نوع من النفاق انتهى.

قوله: (أحب) . هو بالنصب خبر كون.

قوله: (والناس أجمعين) . هو من عطف العام على الخاص وهو كثير.


١ سورة النور آية: ٤٧.
٢ سورة النور آية: ٥١.

<<  <   >  >>