للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الحديث من الفوائد:

إذا كان هذا شأن محبة الرسول صلى الله عليه وسلم فما الظن بمحبة الله؟!

وفيه أن الأعمال من الإيمان، لأن المحبة عمل، وقد نُفِيَ الإيمان عمن لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم أحب إليه مما ذكر فدل على ذلك.

وفيه أن نفي الإيمان لا يدل على الخروج من الإسلام.

وفيه وجوب محبته صلى الله عليه وسلم على ما ذكر، ذكرهما المصنف.

[ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان] .

قال: ولهما عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يقذف في النار"١. وفي رواية: "لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى ... " ٢ إلى آخره.

ش: قوله: (ثلاث) . أي: ثلاث خصال. وجاز الابتداء بثلاث، لأن المضاف إليه منوي ولذلك جاء التنوين.

قوله: (من كن فيه) . أي: وجدن وحصلن، فهي تامة.

قوله: (وجد بهن حلاوة الإيمان) . قال ابن أبي جمرة: إنما عبر بالحلاوة لأن الله شبه الإيمان بالشجرة في قوله: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} ٣.

قلت: والشجرة لها ثمرة، والشجرة لها حلاوة، فكذلك شجرة الإيمان لا بد لها من ثمرة ولا بد لتلك الثمرة من حلاوة. لكن قد يجدها المؤمن وقد لا يجدها وإنما يجدها بما ذكر في الحديث.

قوله: (أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما) . "أحب" منصوب لأنه خبر يكون. قال البيضاوي: المراد بالحب هنا الحب العقلي الذي هو إيثار ما يقتضي العقل السليم رجحانه، وإن كان على خلاف هوى النفس كالمريض يعاف الدواء بطبعه، فينفر عنه بطبعه ويميل إليه بمقتضى عقله فيهوى تناوله. فإذا تأمل المرء أن الشارع


١ البخاري: الإيمان (١٦) , ومسلم: الإيمان (٤٣) , والترمذي: الإيمان (٢٦٢٤) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٤٩٨٧ ,٤٩٨٨ ,٤٩٨٩) , وابن ماجه: الفتن (٤٠٣٣) , وأحمد (٣/١٠٣ ,٣/١١٣ ,٣/١٧٢ ,٣/١٧٤ ,٣/٢٣٠ ,٣/٢٤٨ ,٣/٢٨٨) .
٢ البخاري: الأدب (٦٠٤١) .
٣ سورة إبراهيم آية: ٢٤.

<<  <   >  >>