للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فتكميلها أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما فإن محبة الله ورسوله، لا يكتفى فيها بأصل الحب، بل لا بد أن يكون الله ورسوله، أحب إليه مما سواهما.

قلت: ولا يكون كذلك، إلا إذا وافق ربه، فيما يحبه وما يكرهه، قال: وتفريعها أن يحب المرء لا يحبه إلا لله.

قلت: فإن من أحب مخلوقًا لله، لا لغرض آخر، كان هذا من تمام حبه لله، فإن محبة محبوب المحبوب من تمام محبة المحبوب، فإذا أحب أنبياء الله، وأولياءه، لأجل قيامهم بمحبوبات الله، لا لشيء آخر، فقد أحبهم لله لا لغيره.

قال: ودفع ضدها أن يكره ضد الإيمان، كما يكره أن يقذف في النار.

قلت: وإنما كره الضد، لما دخل قلبه من محبة الله، فانكشف له بنور المحبة محاسن الإسلام، ورذائل الجهل، والكفران، وهذا هو الحب الذي يكون مع من أحب، كما في "الصحيحين". عن أنس: "أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم متى الساعة، فقال: ما أعددت لها؟ قال: ما أعددت لها من كثير صلاة ولا صيام ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت مع من أحببت"، وفي رواية للبخاري "فقلنا: ونحن كذلك، قال، نعم قال أنس: ففرحنا يومئذ، فرحًا شديدًا" ١.

وقوله: (مما سواهما) ، فيه جمع ضمير الرب سبحانه، وضمير الرسول صلى الله عليه وسلم وقد أنكره على الخطيب، لما قال: ومن يعصهما، فقد غوى، وأحسن ما قيل فيه قولان: أحدهما ما قاله البيضاوي وغيره، أنه ثنى الضمير هنا إيماء إلى أن المعتبر هو المجموع المركب من المحبتين، لا كل واحدة، فإنها وحدها لاغية، وأمر بالإفراد في حديث الخطيب إشعارًا بأن كل واحد من العصيانين مستقل باستلزام


١ البخاري: الأدب (٦١٧١) , ومسلم: البر والصلة والآداب (٢٦٣٩) , والترمذي: الزهد (٢٣٨٥) , وأحمد (٣/١٠٤ ,٣/١١٠ ,٣/١٦٧ ,٣/١٧٢ ,٣/١٧٣ ,٣/١٧٨ ,٣/١٩٨ ,٣/٢٠٢ ,٣/٢٠٧ ,٣/٢٠٨ ,٣/٢٢١ ,٣/٢٢٦ ,٣/٢٢٧ ,٣/٢٢٨ ,٣/٢٥٥ ,٣/٢٧٦ ,٣/٢٨٨) .

<<  <   >  >>