للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الغواية، إذ العطف في تقدير التكرير، والأصل استقلال كل من المعطوفين في الحكم. قلت: وهذا جواب بليغ جدًّا.

الثاني: حمل حديث الخطيب على الأدب والأولى، وهذا على الجواز.

وجواب ثالث، وهو أن هذا ورد على الأصل، وحديث الخطيب ناقل، فيكون أرجح.

قوله: (كما يكره أن يقذف في النار) ، أي: يستوي عنده الأمران، الإلقاء في النار، والعود في الكفر.

قلت: وفي الحديث من الفوائد: أن الله تعالى يحبه المؤمنون، وهو تعالى يحبهم، كما قال: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} ١.

وفيه رد ما يظنه بعض الناس من أنه من ولد على الإسلام أفضل ممن كان كافرًا فأسلم، فمن اتصف بهذه الأمور، فهو أفضل ممن لم يتصف بها مطلقًا، ولهذا كان السابقون الأولون أفضل ممن ولد على الإسلام.

وفيه رد على الغلاة الذين يتوهمون أن صدور الذنب من العبد نقص في حقه مطلقًا، والصواب أنه إن لم يتب كان نقصًا وإن تاب فلا، ولهذا كان المهاجرون والأنصار أفضل هذه الأمة، وإن كانوا في أول الأمر كفارًا يعبدون الأصنام، بلا المنتقل من الضلال إلى الهدى، ومن السيئات إلى الحسنات يضاعف له الثواب، قاله شيخ الإسلام.

وفيه دليل على عداوة المشركين وبغضهم، لأن من أبغض شيئًا أبغض من اتصف به، فإذا كان يكره الكفر كما يكره أن يلقى في النار، فكذلك يكره من اتصف به.

قوله: (وفي رواية لا يجد أحد) ، هذه الرواية أخرجها البخاري في "صحيحه" ولفظه: "لا يجد أحد حلاوة الإيمان حتى يحب المرء لا يحبه إلا لله، وحتى أن يقذف في النار أحب إليه


١ سورة المائدة آية: ٥٤.

<<  <   >  >>