للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَالْبَغْضَاءُ أَبَداً حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ} ١ فهذا علامة الصدق في البغض في الله.

قوله: (فإنما تنال ولاية الله بذلك) . يجوز فتح الواو وكسرها، أي: لا يكون العبد من أولياء الله ولا تحصل له ولاية الله إلا بما ذكر من الحب في الله، والبغض في الله، والموالاة في الله، والمعاداة في الله، كما روى الإمام أحمد والطبراني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا يجد العبد صريح الإيمان حتى يحب لله ويبغض لله، فإذا أحب لله، وأبغض لله، فقد استحق الولاية لله" ٢. وفي حديث آخر "أوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله عزّ وجل" ٣. رواه الطبراني وغيره، وينبغي لمن أحب شخصًا في الله أن يأتيه في بيته فيخبره أنه يحبه في الله كما روى أحمد والضياء عن أبي ذر مرفوعًا: "إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منْزله فليخبره أنه يحبه لله" ٤ وفي حديث ابن عمر عند البيهقي في "الشعب" فإنه يجد مثل الذي يجد له.

قوله: (ولن يجد عبد طعم الإيمان ... ) إلى آخره أي: لا يجد عبد طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصومه حتى يحب في الله، ويبغض في الله، ويعادي في الله، ويوالي في الله، وهذا منتزع من حديث أنس السابق وفي حديث أبي أمامة مرفوعًا "من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان" ٥ رواه أبو داود. والعجب ممن يدعي محبة الله وهو على خلاف ذلك، وما أحسن ما قال ابن القيم:

أتحب أعداء الحبيب وتدعي ... حبًّا له ما ذاك في إمكان

قوله: (وقد صارت عامة مؤاخات الناس على أمر الدنيا، وذلك لا يجدي على أهله شيئًا) ، أي: المؤاخاة على أمر الدنيا لا يجدي على أهله شيئًا، أي: لا ينفعهم أصلاً، بل يضرهم، كما قال تعالى: {الأَخِلاَّءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} ٦. فهذا


١ سورة الممتحنة آية: ٤.
٢ أحمد (٣/٤٣٠) .
٣ أبو داود: السنة (٤٥٩٩) .
٤ أحمد (٥/١٤٥) .
٥ أبو داود: السنة (٤٦٨١) .
٦ سورة الزخرف آية: ٦٧.

<<  <   >  >>