قوله:"فقلت: الله ورسوله أعلم ". فيه حسن أدب المتعلم، وأنه ينبغي لمن سئل عما لا يعلم أن يقول ذلك، بخلاف أكثر المتكلفين.
قوله:"أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا" أي: يوحدوه بالعبادة وحده ولا يشركوا به شيئًا.
وفائدة هذه الجملة:
١- بيان أن التجرد من الشرك لا بدّ منه في العبادة، وإلا فلا يكون العبد آتيا بعبادة الله بل مشرك، وهذا هو معنى قول المصنف: إن العبادة هي التوحيد، لأن الخصومة فيه.
٢- وفيه معرفة حق الله على العباد، وهو عبادته وحده لا شريك له.
فيا مَنْ حق سيده الإقبال عليه، والتوجه بقلبه إليه، لقد صانك وشرفك عن إذلال قلبك ووجهك لغيره، فما هذه الإساءة القبيحة في معاملته مع هذا التشريف والصيانة! فهو يعظمك ويدعوك إلى الإقبال وأنت تأبى إلا مبارزته بقبائح الأفعال.
في بعض الآثار الإلهية: إني والجن والإنس في نبأ عظيم، أخلق ويعبد غيري، وأرزق ويشكر سواي، خيري إلى العباد نازل، وشرهم إليَّ صاعد، أتحبب إليهم بالنعم، ويتبغضون إلي بالمعاصي. وكيف يعبده حق عبادته مَنْ صرف سؤاله ودعاؤه وتذلله واضطراره وخوفه ورجاءه وتوكله وإنابته وذبحه ونذره لمن لا يملك لنفسه {ضَرّاً وَلا نَفْعاً} ، [الفرقان، من الآية: ٣] ، ولا {مَوْتاً وَلا حَيَاةً وَلا نُشُوراً} ، [الفرقان، من الآية: ٣] ، من ميت رميم في التراب، أو بناء مشيد من القباب، فضلاً مما هو شر من ذلك.
قوله:"وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئًا" قال الخلخالي: تقديره: أن لا يعذب من يعبده ولا يشرك به شيئًا والعبادة هي
الإتيان بالأوامر، والانتهاء عن المناهي، لأن مجرد عدم الإشراك لا يقتضي نفي العذاب، وقد علم ذلك من القرآن والأحاديث الواردة في تهديد الظالمين والعصاة.
وقال الحافظ: اقتصر على نفي الإشراك، لأنه يستدعي التوحيد