بالاقتضاء، ويستدعي إثبات الرسالة باللزوم، إذ مَنْ كذب رسول الله، فقد كذب الله، ومَنْ كذب الله، فهو مشرك، وهو مثل قول القائل: من توضأ صحت صلاته، أي: مع سائر الشروط، فالمراد: من مات حال كونه مؤمنًا بجميع ما يجب الإيمان به. قلت: وسيأتي تقرير هذا في الباب الذي بعده إن شاء الله تعالى.
قوله:"أفلا أبشر الناس"، فيه استحباب بشارة المسلم بما يسره. وفيه ما كان عليه الصحابة من الاستبشار، بمثل هذا نبه عليه المصنف.
قوله: قال: " لا تبشرهم فيتكلوا"، وفي رواية:" إني أخاف أن يتكلوا"، أي: يعتمدوا على ذلك، فيتركوا التنافس في الأعمال الصالحة. وفي رواية: فأخبر بها معاذ عند موته تأثمًا، أي: تحرجًا من الإثم. قال الوزير أبو المظفر [بن هبيرة] : لم يكن يكتمها إلا عن جاهل يحمله جهله على سوء الأدب بترك الخدمة في الطاعة، فأما الأكياس ـ الذين إذا سمعوا بمثل هذا ازدادوا في الطاعة، ورأوا أن زيادة النعم تستدعي زيادة الطاعة ـ فلا وجه لكتمانها عنهم. وقال الحافظ: دل هذا على أن النهي للتبشير ليس على التحريم، وإلا لما أخبر به أصلاً، أو أنه ظهر له أن المنع إنما هو من الأخبار عمومًا، فبادر قبل موته فأخبر بها خاصًا من الناس
وفي الباب من الفوائد غير ما تقدم:
١- التنبيه على عظمة حق الوالدين. ٢-وتحريم عقوقهما. ٣-والحث على إخلاص العبادة لله تعالى. ٤- وأنها لا تنفع مع الشرك، بل لا تسمى عبادة شرعًا. ٥-والتنبيه على عظمة الآيات المحكمات في سورة الأنعام، ذكره المصنف.
٦-وجواز كتمان العلم للمصلحة، ولا سيما أحاديث الرجاء التي إذا سمعها الجهال ازدادوا من الآثام.